153. عودٌ إلى نقد أحاديث الباب 90 من أصول الكافي

إن الذي يريده الكُلَيْنِيّ من نقل روايات هذا الباب هو أن يقول إن علم الأئِمَّة موروث، مع أن هذا الكلام مخالف للعقل والشرع، فأمير المؤمنين u قال مراراً: «علَّمَني رسول الله» ولم يقل «ورثت العلم».

ونجد في عشرات الأحاديث أن الأئِمَّة يروون حديثاً عن آبائهم يقولون فيه: «حدَّثني (أخبرني) أبي عن آبائه...». من جملة ذلك حديث «سلسلة الذهب» الذي يقول إن الإمام الرضا (ع) قال وهو في نيشابور: «حدَّثني أبي موسى بن جعفر.....». ونجد في كتاب «مسند زيد» رحمه‌الله أخ الإمام الباقر (ع) أنه يروي جميع الأحاديث عن أبيه عن جده، ويروي عن الإمام السجاد (ع) عن النبي J.

إذا كان الكُلَيْنِيّ ومشايخه يَرَوْنَ أن علمَ الأئِمَّة وراثيٌّ، فلماذا يروي الكُلَيْنِيّ في الحديث الثاني من الباب 175 من الكافي عن حضرة الباقر (ع) أنه كان يذهب إلى المكتب للتعلُّم؟ وقد ذكر هذا الحديث سائر العلماء بما في ذلك الكِشِّيّ (رجال الكِشِّيّ، ص43-44).

من الواضح أن حصول العلم إما أن يكون بالوحي أو بكسب العلم وتعلّمه، وبما أنّه لا خلاف في أنّ الإمام لا يوحَى إليه، فلا بد أن يكون قد اكتسب علمه بالتعلُّم. إضافة إلى ذلك، فإن أحاديث هذا الباب تُعارض الحديث الخامس في الباب الثامن من الكافي الذي يروي عن الإمام الباقر (ع) قوله: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ بَعْدَ مَا يُهْبِطُهُ وَلَكِنْ يَمُوتُ الْعَالِمُ فَيَذْهَبُ بِمَا يَعْلَمُ".  أي أنه لا يملك أحد توريث علمه بل عندما يموت العالم فإن جميع محفوظاته الذهنية والعلمية تُقبَض معه ولا تبقى، اللهم إلا أن يكون قد دوّن محفوظاته ومعلوماته في كتاب، وإلا فلو كان العلم ينتقل بالوراثة فلماذا تقولون إنّه كان لدى الأئمَّة كتابٌ خاصٌّ والصحيفة الجامعة والجفر ومصحف فاطمة و.....، التي ورثها كل إمام عن آبائه؟ في الحقيقة إن الكُلَيْنِيّ ورواته مثلهم مثل عدد من الصوفية الجهلاء الذين يخدعون العوام ويدّعون أن سلسلة الإرشاد تنتقل بالإرث من المرشد إلى ابنه، فيدّعي رواة الكُلَيْنِيّ أيضاً: إن علوم الإمام تنتقل بالإرث إلى ابنه.

ثم إنّه لو صحَّ أنّ العلم يورَث وراثةً، ونحن نعلم أن الأئمَّة جميعاً كان لهم عديد من الأولاد، فلماذا تقولون إنّ العلم لم ينتقل بالإرث إلا إلى ولد واحد فقط من أولاد كل إمام؟!