241. - بَابٌ فِيهِ نُكَتٌ وَنُتَفٌ مِنَ التَّنْزِيلِ فِي الْوَلَايَةِ -- مسألة تحريف القرآن
اعلم أن هذا الباب أكثرُ أبواب «الكافي» تفصيلاً وافتضاحاً! وإنه لمن دواعي الخجل والعار أن يكون أكثر أبواب الكافي تفصيلاً أكثرها افتضاحاً! لقد جمع الكُلَيْنِيّ في هذا الباب 92 حديثاً أغلبها كالحديث الرابع من الباب 164 توهم وقوع التحريف في القرآن!! وللأسف لا يقتصر وجود الأحاديث الموهمة لوقوع التحريف في القرآن على هذا الباب فقط، بل توجد مثل هذه الأحاديث في أبواب أخرى في كتاب «الكافي» أيضاً، كما توجد في «روضة الكافي» [أي الجزء الثامن من الكافي] عديد من الأحاديث التي تتضمن هذه العيب والعلَّة الخطيرة!
قال تعالى بشأن القرآن: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة/17]. أي أن اللهَ تعالى لم يوكِلْ جمع القرآن وحفظه إلى العباد فقط، بل تكفَّل هو بهذا الأمر وتم تحت إشرافه تعالى. وقال تعالى أيضاً: ﴿إِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ 41 لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت/41-42]. وقال بمزيد من أساليب التأكيد ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر/9].
لقد ضَمِنَ اللهُ تعالى في الآية الأخيرة، بتأكيدات مكرَّرةٍ، حِفْظَ القرآن من كُلِّ تغيير وتحريف:
أولاً: أتى بجملة اسمية تدل على الدوام والاستمرار.
ثانياً: ابتدأ الجملة الاسمية بحرف «إنَّ» الذي يدلُّ على التأكيد.
ثالثاً: رجّح ضمير الجمع «نا» على ضمير المفرد.
رابعاً: تمّ تشديد التأكيد في الجملة الاسمية المؤكدة من خلال ذكر ضمير الفصل «نحن».
خامساً: نسب نزول القرآن إلى نفسه مما يُبيّن عناية الله الخاصة بهذا الكتاب. كما استخدم صيغة التفعيل (= التنزيل) بدلاً من صيغة الإفعال (= الإنزال) مما يُعطي مزيداً من التأكيد المعنوي.
سادساً: أتى في الجملة التالية أيضاً بجملة اسمية.
سابعاً وثامناً: استخدم مرّة ثانيةً أداة التأكيد «إنّ» وضمير الجمع.
تاسعاً: استخدم أيضاً لام التأكيد.
عاشراً: استخدم صيغة الجمع «حافظون» أي نحن الله المتصفون بصفات الكمال من علم وقدرة وعزّة نحفظ هذا الكتاب([1]).
للأسف إن إحدى فضائح الكُلَيْنِيّ ومشايخه مثل «علي بن إبراهيم القمي» و«محمد بن يحيى» و«الحسين بن محمد الأشعري» و ..... تلوُّث ذهنهم بأكذوبة تحريف القرآن التي يُسَرُّ بها أعداءُ الإسلام. وقد انطلت هذه الأكذوبة الواضحة على عقول عدد من علماء الشيعة المعروفين مثل «الحاج حسين النوري الطبرسي» الذي بلغت به الحماقة أن ألّف كتاباً بعنوان «فصل الخطاب في تحريف كتاب ربّ الأرباب»!! وقال فيه إن ثقة الإسلام الكُلَيْنِيّ كان أيضاً من القائلين بوقوع التحريف في القرآن لأنه أورد في كتاب «الحُجَّة» من كتابه «الكافي» لاسيما في الباب 165 منه، وكذلك في «الروضة من الكافي» أحاديث كثيرة صريحة في وقوع التحريف، دون أن يعترض عليها أو يُحاول تأويلها وتوجيهها! كما صرّح المَجْلِسِيّ في مواضع عديدة من مؤلفاته وكتبه بمسألة تحريف القرآن! فعلى سبيل المثال - كغيضٍ من فيض فقط - قال في شرح حديث أن القرآن كان سبعة عشر ألف آية([2]):
"فالخبر صحيح!!! ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يُثبتونها بالخبر؟
فإن قيل: إنه يوجب رفع الاعتماد على القرآن لأنه إذا ثبت تحريفه ففي كل آية يُحتمل ذلك وتجويزهم عليهم السلام على قراءة هذا القرآن والعمل به متواتر معلوم إذ لم ينقل من أحد من الأصحاب أن أحداً من أئمتنا أعطاه قرآناً أو علّمه قراءةً، وهذا ظاهر لمن تتبع الأخبار، ولعمري كيف يجترئون على التكلّفات الركيكة في تلك الأخبار مثل ما قيل في هذا الخبر إن الآيات الزائدة عبارة عن الأخبار القدسية أو كانت التجزية بالآيات أكثر وفي خبر لم يكن أن الأسماء كانت مكتوبة على الهامش على سبيل التفسير والله تعالى يعلم"([3]).
وممن ارتكب أيضاً القول الشنيع بوقوع التحريف في القرآن السيد عبد الله شُبَّر في «مصابيح الأنوار»، والشيخ أحمد النراقي في كتاب «مناهج الأحكام»، مبحث حُجّية ظواهر الكتاب، والشيخ أحمد الطبرسي مؤلف كتاب «الاحتجاج على أهل اللجاج»، والشيخ محمد صالح المازندراني مؤلف «شرح الكافي»، والشيخ الحرّ العاملي مؤلف «وسائل الشيعة» في كتابه الموسوم بـ «مرآة الأنوار»، والشيخ نعمة الله الجزائري في «الأنوار النعمانية»، والشيخ المفيد في كتاب «أوائل المقالات»!! ([4])
ويدّعي الشيخ المفيد - وهو مفيدٌ في الواقع للمُفرّقين بين المسلمين فقط لكنَّهُ مُضِرٌّ بالإسلام والمسلمين- كما قلنا، أن الإمام الصادق u قال: "أَمَا وَاللهِ لَوْ قَدْ قُرِئَ الْقُرْآنُ كَمَا أُنْزِلَ لَأَلْفَيْتَنَا فِيهِ مُسَمَّيْن كَمَا سُمِّيَ مَنْ كانَ قَبْلَنَا!!" ([5])
وقال الفيض الكاشاني - متأثراً بالكليني وأمثاله - في المقدمة السادسة من تفسيره «الصافي في تفسير القرآن»:
" أقول: المستفاد من مجموع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت (عليهم السلام) إن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أُنْزِلَ على محمد o، بل منه ما هو خلاف ما أنز الله، ومنه ما هو مُغيَّر ومُحرَّف. وإنه قد حُذِفَ عنه أشياء كثيرة منها اسم عليٍّ (عليه السلام) في كثير من المواضع ومنها غير ذلك، وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسولهo"([6]).
ثم نقل الفيض الكاشاني عن تفسير علي بن إبراهيم القمِّيّ المعروف بـ «تفسير القُمِّيّ» قوله:
"إن صحَّت هذه الأخبار فلعلَّ التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال [ولا يزال من الممكن فهم مقاصد القرآن] كحذف اسم علي وآل محمد (صلى الله عليهم)، وحذف أسماء المنافقين عليهم لعائن الله فإن الانتفاع بعموم اللفظ باق، وكحذف بعض الآيات وكتمانه، فإنَّ الانتفاع بالباقي باقٍ......... ولا يبعد أيضاً أنْ يُقالَ إن بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ولم يكن من أجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى، أي حرَّفُوهُ وغيَّرُوهُ في تفسيره وتأويله، أعني حملوه على خلاف ما هو به"([7]).
وروى السيد هاشم البحراني أيضاً في الباب العاشر من مقدمة تفسيره «البرهان في تفسير القرآن» تحت عنوان «باب فيما عنى به الأئِمَّة (ع) في القرآن» عدة روايات نقلها عن تفسير العيّاشي منها حديث رواه داود بن فرقد وسعيد بن الحسين الكندي عن حضرات الصادِقَيْن أنهما قالا: "لو قُرئ القرآن كما أُنزل لألفيتنا فيه مُسمّين كما سُمّي من قبلنا!!". وروى عن مُيسّر عن حضرة الباقر (ع): "لَوْلَا أَنَّهُ زِيدَ فِي كِتَابِ اللهِ وَنُقِصَ مِنْهُ، مَا خَفِيَ حَقُّنَا عَلَى ذِي حِجًى وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا فَنَطَقَ صَدَّقَهُ الْقُرْآنُ!!"([8]).
نعم، إن هذا القول الفاضح ناشئ من أحاديث الكُلَيْنِيّ ونظائره، وقد تكلَّمْتُ سابقاً عن مسؤولية الكُلَيْنِيّ عن نقل الأحاديث المخالفة للقرآن (الباب 93 الصفحة 533فما بعد). ولكنني أُكرّر هنا التأكيد بأن كتاب «الكافي» ليس من كتب الأحاديث التي تَجمَعُ أنواعَ الأحاديث المختلفة بصرف النظر عن صحتها وسقمها وتترك للمُحققين اختيار ما يرونه صحيحاً، بل هو كتاب أُلّف ليعتقد قارئه بما فيه ويعمل به، ولذلك فإن الكُلَيْنِيّ مسؤول عن العناوين التي اختارها لكل باب من أبواب كتابه، كما هو مسؤولٌ عن كل الأحاديث التي دوّنها في كتابه، حديثاً حديثاً. (فتأمَّل).
ولست أدري في الواقع هل كان الكُلَيْنِيّ يعلم شيئاً من علم الرجال والدراية أم لا؟ وإن لم يكن يعلم فلماذا أقدم على تأليف كتاب من نوع كتابه «الكافي»، ولماذا يُثني علماؤنا عليه ويمتدحونه؟ وإن كان يعلم فلماذا دوّن في كتابه «الكافي» هذه الأحاديث الفاضحة والساقطة من الاعتبار دون أي توضيح أو قدحٍ بها أو اعتراض عليها؟
ولا يُمكننا أن نعذر الكُلَيْنِيّ ونقول - حفظاً لماء وجهه واعتباره - إن أحاديث هذا الباب ونظائرها في الأبواب الأخرى ضعيفةٌ وغيرُ معتبرة أصلاً ولا يُمكن الاستناد إليها، لأنه إن كانت ضعيفةً وغير معتبرة فلماذا أوردها الكُلَيْنِيُّ إلى جانب سائر الأحاديث في كتابه «الكافي»؟ فإن اعتقد صديق الكُلَيْنِيّ الذي كان قد طلب منه تأليف كتاب في الحديث أو اعتقد سائر قراء «الكافي» بمضمون هذه الأحاديث - كما حصل فعلاً - فمن المسؤول عن ذلك؟ (فتأمَّل).
كتب الشيخ البهائي([9]) - الذي يُعد من مشاهير علماء الشيعة- يقول:
" الصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظٌ عن التحريف، زيادةً كان أو نقصاناً، ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر/9]. وما اشتهر بين الناس من إسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع، مثل قوله تعالى: ﴿يا أيُّها الرسولُ بَلّغ ما أُنْزِل إليكَ ـ في عَليٍّ ـ﴾ [المائدة/67] وغير ذلك ، فهو غير معتبرٍ عند العلماء"([10]).
هذا، ولما كانت هذه العقيدة الباطلة والمُخجلة سبباً للحوق العار بالشيعة وبالكليني بشكل خاص، قام عدد من العلماء إما بإنكار القول بها من الأساس، أو بتمحُّل التأويلات الباردة لأحاديث التحريف خداعاً للعوام. وقد أغفلتُ في الإصدار الأول لهذا الكتاب ذِكر التأويلات الخادعة للمُتعصّبين المذهبيين وإفشاء بطلانها، ولذلك سأُبيّن في الصفحات التالية تبريراتهم وأُبيّن عدم صحتها تعويضاً عن ذلك القصور في الإصدار الأول من الكتاب ومعذرةً إلى ربي:
يقول الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني»:
"وبعد التتبُّع في الأحاديث المنتشرة في مجاميع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما، نجد أن الغلاة والحاقدين على الأئمة والهداة لم يتركوا باباً من الأبواب إلا ودخلوا منه لإفساد أحاديث الأئمة والإساءة إلى سمعتهم، وبالتالي رجعوا إلى القرآن الكريم لينفثوا عن طريقة سمومهم ودسائسهم لأنه الكلام الوحيد الذي يتحمل مالا يتحمله غيره ففسروا مئات الآيات بما يريدون وألصقوها بالأئمة الهداة زوراً وتضليلاً.
وَألَّف «عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ» وعمُّهُ «عبد الرحمن بن كثير» و«علي بن أبي حمزة البطائنيّ»([11]) كتباً في التفسير كلها تخريف وتحريف وتضليل لا تنسجم مع أسلوب القرآن وبلاغته وأهدافه.
وليس بغريب على من ينتحل البدع أن يكون في مستوى المخرِّفين والمهوِّشين، إنما الغريب أن يأتي شيخ المحدِّثين بعد جهاد طويل بلغ عشرين عاماً في البحث والتنقيب عن الحديث الصحيح، فيحشد في كتابه تلك المرويات الكثيرة، في حين أن عيوبها متناً وسنداً ليست خفيّةً بنحوٍ تخفى على من هو أقلّ منه علماً وخبرةً بأحوال الرواة. وجاء العلماء والمحدِّثون من بعده فاحتضنوا الكافي ومروياته لأنه بنظر فريقٍ لم يتخطَّ المرويات الصحيحة، وبنظر الفريق الأكثر جميع كميةً كبيرةً من المرويات الصحيحة إلى جانب المرويات المكذوبة على أهل البيت، والفريقان مسؤولان عن موقفهما هذا منه"([12]).
بالطبع فإن المُسترزقين بالدين والمذهب تشبَّثوا، حفظاً لماء وجههم ودفاعاً عن باب رزقهم وخداعاً للعوام، بأنواع المغالطات والاستدلالات الباطلة وقالوا: إن الكُلَيْنِيّ نفسه ذكر في الباب 23 من الكافي قاعدةً تقول إن كل الأحاديث المخالفة للقرآن ولسنة النبي J ليست مقبولةً ولا مسموعةً. وأحاديث التحريف، في حال ثبوت دلالتها على وقوع التحريف فعلاً، تخالف القرآن وَمِنْ ثَمَّ فهي مردودةٌ، ولاشك أن الكُلَيْنِيّ لم يكن يعتقد بصحة تلك الأحاديث ولا يقبلها بناءً على القاعدة التي ذكرها هو نفسه!!
جلّ الخالق! حقاً إنها لدعوى لا أساس لها من الصحة، إذْ ما من ريبٍ أن الأحاديث المذكورة باطلة ومردودة، وليت الكُلَيْنِيّ كان مخالفاً لها، لكن كلامنا هو أن الكُلَيْنِيّ نفسه لم يكن يعمل بقاعدة الباب 23 من الكافي وإلا لما أورد أحاديث هذا الباب 165 في الكافي، وليس هذا فحسب بل لغسل بالماء كثيراً من أحاديث كتابه أو لم يذكرها في الكافي على أقل تقدير. نعم، لو لم يكن الكُلَيْنِيّ يقبل أحاديث التحريف ولو كان يعتبرها مخالفةً للقرآن لما أوردها في كتابه بالطبع، أو على الأقل لأبدى شكه بها في حين أنه لم يفعل ذلك! وإلا لما كان هناك أيُّ مُبَرِّرٍ لأن يقوم الكُلَيْنِيّ بتدوين أحاديث يعتبرها مخالفةً للقرآن ويُقدّمها لصديقه - ونظائره-!! إن ادعاءكم هذا ليس في صالح الكُلَيْنِيّ بل مُضرٌّ به لأنه يُثبت أنه لم يكن يُدرك معارضة هذه الأحاديث للقرآن ولإجماع المسلمين!!
لقد قمتُ بتقسيم أحاديث الباب 165 من الكافي وما يُشبهها من أحاديث في الأبواب الأخرى إلى نوعين، تسهيلاً لعمل القراء وفضحاً لخداع المتعصبين:
أ) الأحاديث التي اعتُبِرَت من أحاديث التفسير.
ب) أحاديث التحريف.
ورغم أن كلا النوعين من الأحاديث باطل ولم يصدر عن الإمام ولا هو من كلامه، إلا أن المقصود هنا من أحاديث التفسير تلك الأحاديث التي لا تدل دلالة قاطعةً على وقوع التحريف في آيات القرآن ويُمكن صرف النظر عنها. لكن المشايخ يُحاولون -خداعاً للعوام - أن يُوهموا أن أحاديث النوع الثاني كأحاديث النوع الأول لا تدل بالضرورة على وقوع التحريف! ولذلك سنأتي هنا بنماذج من كلا النوعين من الأحاديث كي نُنبّه القراء ونُحذّرهم ونفضح الغشاشين والمخادعين([13]).
ابتداءً دعنا نُوضّح خصائص الأحاديث التي اصطُلح على أنها من أحاديث التفسير:
في هذا النوع من الأحاديث يسأل الراوي عن آية وأحياناً يُصرح بسؤاله عن تفسير الآية (كالحديث 38 من الباب 165). ويتمُّ في هذا النوع من الأحاديث نَقْلُ الآية بشكلها الصحيح كما جاءت في القرآن الكريم، ويُجيب الإمام بعبارات من قبيل: «عنى بها»، أو «عنى بذلك» أو «يعني» ونظائرها، أو يشير إلى تأويل الآية. (مثل الحديث 535 من روضة الكافي). ومثل الأحاديث 15، 19، 33، 49، 52، 54، 71، 72، 76، 81، 83، 90، و 92 من الباب 165 أو الأحاديث 202، 243، 397، 525 و526 من روضة الكافي وما يُشبهها.
لكن ما نؤكد عليه هو بشأن الأحاديث التي تختلف عباراتها تماماً عن أحاديث التفسير. وهي أحاديث النمط (ب) أي أحاديث التحريف:
فمن جملتها الحديث الذي ذكرناه سابقاً في هذا الكتاب (راجعوا ص 86- 87)، إذْ يقرأ الراوي في ذلك الحديث الآية السادسة من سورة المائدة. ثم يقول الإمام ما معناه أنه هكذا كان «تنزيل» الآية! ويقرأ الآية على النحو التالي: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ مِنَ الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة/6]. ثم يمسح الإمام يده من المرفق إلى الأصابع. فلم يقل الإمام إنَّ تأويل الآية هكذا بل قال تنزيلها هكذا!!
وفي الحديث الحادي عشر من «روضة الكافي» الذي أوردناه سابقاً (راجعوا ص 104) يقول الراوي للإمام: "جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنَّا لَا نَقْرَؤُهَا هَكَذَا! فَقَالَ الإمام: هَكَذَا وَاللهِ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ o وَلَكِنَّهُ فِيمَا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ الله!!!".
وفي الحديث 47 من الباب 165 من «الكافي» والحديث 18 من «روضة الكافي» الذي نقلناه أيضاً فيما سبق (راجعوا ص 105-106) قرأ الإمام الآيتين الأولى والثانية من سورة «المعارج» كما يلي: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ 1 لِلْكَافِرِينَ بِوِلايَةِ عَليٍّ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ!!﴾. في هذا الحديث 18 من «روضة الكافي» يقول الراوي للإمام: "جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنَّا لَا نَقْرَؤُهَا هَكَذَا!" فيجيب الإمام قائلاً: "هَكَذَا وَاللهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ o وَهَكَذَا هُوَ وَاللهِ مُثْبَتٌ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ عليها السلام!!!".
ويعترف المَجْلِسِيّ أن هذا الحديث يدل في ظاهره على وقوع التحريف في القرآن وأن دلالته على التأويل احتمال بعيد.
إضافةً إلى ما سبق، نضرب مثالاً آخر هو الحديث الثامن من الباب 122 من الكافي، والذي سبق أن تكلمنا عليه ونقدناه. في الحديث المذكور يقرأ الإمام الآية 92 من سورة النحل المباركة بصورة مختلفة عما في القرآن، إذ بدلاً من كلمة «أمة» في الآية يقرأ الإمام كلمة «أئمة»، وبدلاً من كلمة «أربى» يقول الإمام «أزكى»، وبدلاً من عبارة «من أمة» يقرأ «من أئمتكم»!! فيسأل الراوي قائلاً: "جُعِلْتُ فِدَاكَ! أَئِمَّةٌ؟! فيقول (الإمام): إِي وَاللهِ أَئِمَّةٌ! قُلْتُ: فَإِنَّا نَقْرَأُ أَرْبى؟! فَقَالَ: مَا أَرْبَى؟ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ فَطَرَحَهَا!". يعني قال الإمام له دع عنك تلك القراءة ولا تقرأ على ذلك النحو!! في حين أنه استخدم في سائر الآيات كلمة «يعني»! وهذا جعل المَجْلِسِيّ يضطرُّ للاعتراف بأن ظاهر الحديث يفيد أن الآية كانت في قرآن الأئمَّة عليهم السلام على هذه الصورة!
ونموذج آخر: الحديث الذي جاء في الجزء الثاني من أصول الكافي والذي سبق أن ذكرنا متنه (راجعوا ص 92-93) إذْ يُصرّح الراوي هناك قائلاً: "وَأَنَا أَسْتَمِعُ حُرُوفاً مِنَ الْقُرْآنِ لَيْسَ عَلَى مَا يَقْرَأُهَا النَّاسُ؟! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ - عليه السلام -: كُفَّ عَنْ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ اقْرَأْ كَمَا يَقْرَأُ النَّاسُ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ (ع) فَإِذَا قَامَ الْقَائِمُ (ع) قَرَأَ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَدِّهِ! ([14]).
أو الحديث العاشر (باب الذنوب) من «كتاب الإيمان والكفر» حيث تم نقل الآية 12 من سورة يس بشكل مختلف عما في القرآن([15]).
ونموذج آخر أيضاً: الحديث 247 من «روضة الكافي» حيث تلا الراوي الآية 95 من سورة المائدة كما يلي: ﴿ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ فقال (الإمام): "«ذُو عَدْلٍ مِنْكُمْ» وقال: هَذَا مِمَّا أَخْطَأَتْ فِيهِ الْكُتَّابُ!! "([16]).
وفي الحديث 249 من «روضة الكافي» يدَّعي الراوي أن الإمام الصادق u تلا الآية 115 من سورة الأنعام المباركة على النحو التالي: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى صِدْقاً وَعَدْلاً). فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنَّمَا نَقْرَؤُهَا ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾ فَقَالَ: إِنَّ فِيهَا الْحُسْنَى!!".
وقال المَجْلِسِيّ أيضاً إن هذا الحديث يدلُّ على أن كلمة «الْحُسْنَى» كانت موجودة في الآية وتُركت!
أو الحديث 571 من «روضة الكافي» الذي يذكر أن الإمام الرضا (ع) قرأ الآية 40 من سورة التوبة على نحو مغاير لما في القرآن، أي بدلاً من «فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» قرأ: (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ!) فقال الراوي متسائلاً: "قُلْتُ هَكَذَا؟! قَالَ: هَكَذَا نَقْرَؤُهَا وَهَكَذَا تَنْزِيلُهَا".
ونموذج آخر على ذلك الأحاديث التي كان الإمام يتلو فيها آية من القرآن على نحو مخالف لما في القرآن الحالي، كالحديث الأول من الباب 61 والحديث الأول من الباب 117 ([17])، والحديث العاشر من الباب 122، والحديث الرابع من الباب 64 حيث استخدم الإمام فيها عبارة: «هكذا أنزل في كتابه»، والحديث الثالث من الباب 167 حيث قرأ الإمام في الآية 138 من سورة ص كلمة «أَعْطِ» بدلاً من كلمة «أَمْسِكْ» التي في القرآن ثم قال: "هكذا هي في قراءة عليٍّ!!"([18]).
والأحاديث 8، 9، 23، 25، 26، 27، 28، 31، 32، 47، 51، 58، 59، 60، 62، 64، من الباب 165 في الكافي، والأحاديث 208، 436، 437، 439([19])، 440، 569([20])، 570 من «روضة الكافي» كلها من هذا النوع.
في رأينا إن كل من يُقارن بتجرد وإنصاف، وبعيداً عن التعصب والأحكام المسبقة، بين هذين النوعين من الأحاديث - أي أحاديث التفسير (النوع أ) وأحاديث التحريف (النوع ب) - يعترف بأن ليس لها حكمٌ واحدٌ، ويُدرك أن بين مفهومَي «التنزيل» و«التأويل» في الأحاديث المذكورة تفاوت واضح ومشهود. ولذلك لا نستطيع أن ندعي بشأن الأحاديث من النوع الثاني (النوع ب) أن المراد منها هو عين المراد من النوع الأول (النوع أ)، أي تفسير الآيات وتأويلها.
الخدعة الأخرى للمسترزقين من المذهب قولهم: إن الإمام في الحديث الأول من الباب 122 لم يعترض على كون اسم الأئِمَّة لم يأتِ في القرآن، وقبل ضمنياً بعدم ذكر أسماء الأئِمَّة في القرآن. فإذا جاء في أحد الأحاديث أن اسم علي (ع) ورد في آية من الآيات فالمقصود هو تفسير الآية، إذ لا يُمكن أن يعتقد الكُلَيْنِيُّ بأن أسماء الأئِمَّةِ لم تُذكَر في القرآن ويعتقد في الوقت ذاته أن اسم علي (ع) جاء في القرآن! ويقولون: إن الآيات التي ذُكرت أحياناً في بعض الأحاديث بشكل مخالف لما في القرآن جاءت في أحاديث أخرى بصورتها الصحيحة. فالمراد من ذكر الآية بصورتها المُبدّلة تفسير الآية لا أكثر!
ويجب علينا هنا أن ننتبه إلى ما يلي:
أولاً: إن هذا الادّعاء لا يشمل الآيات التي لم تأت بصورتها الصحيحة في أي موضع من الكافي.
ثانياً: هناك أحاديث متعدّدة لا علاقة لها بذكر أسماء الأئِمَّة، ولا يُمكن أن نعتبر أن المراد منها تفسير الآية ذات العلاقة، كالحديث 42 في الباب 165 حيث قُرِئَت الآيةُ 137 من سورة النساء بصورة مختلفة عما في القرآن، وجاءت هذه القراءة المختلفة ذاتها في الجزء الثاني من أصول الكافي، «كتاب فضل القرآن» (باب أن القرآن يُرفع كما أُنزل) الحديث 2، و(باب النوادر) الحديث 16([21]) و28.
ثالثاً: من الأمور القطعية التي يعترف بها علماء الشيعة وغيرهم أن بعض الفرق الضالة كالحشوية والأخباريين كانوا يسعون إلى نشر توهُّم وقوع التحريف في القرآن بين المسلمين وأنهم اختلقوا أحاديث في هذا الشأن. فإذا وضعنا هذه الحقيقة بعين الاعتبار وجب أن ننتبه إلى أن رواة الأحاديث التي ذكرت الصورة الصحيحة للآية هم في الغالب غير الأشخاص الذين ذكروا الآية بصورة أخرى مُبدّلة في الحديث. ومتون أغلب هذه الأحاديث لا تتضمَّن أي إشارة أو علامة تُثبت ادعاءكم. إضافةً إلى ذلك، فإن بعض رواة الأحاديث المذكورة مثل «علي بن إبراهيم» و«بريد بن معاوية» و«السياري» و«مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ» و«علي بن حسان» و«البطائني» و..... ما كانوا مخالفين لتحريف القرآن، فكيف علمتم أن قصدهم من نقل تلك الأحاديث لم يكن تقوية عقيدتهم بوقوع التحريف في القرآن وترسيخها بين الناس؟([22]) بل كما نعلم فَهِمَ عددٌ من علماء الشيعة معنى التحريف من الأحاديث المذكورة، وقبل بعضهم بمضمونها وقالوا بوقوع التحريف، في حين ردَّ البعض الآخر تلك الأحاديث واعتبرها من أكاذيب الفِرق الضالة وموضوعاتها.
بناءً على ذلك أمامَنا حديثان كلاهما رواه الكُلَيْنِيّ، في أحدهما نَسَبَ عددٌ من الرواة تلاوة مُحرّفة لآيةٍ إلى الإمام وفي الواقع وجّهوا له تهمةً للإمام في هذا المجال. فعليكم أن تُثبتوا أن مقصود أولئك الرواة كان تفسير الآية، وأنه لم يكن لديهم نيّة أخرى! أي عليكم أن تعدلوا عن ظاهر الحديث! ونسب فريقٌ آخر من الرواة حديثاً إلى الإمام تُليت فيه الآية بصورة صحيحة دون أي تبديل أو إضافات. ولكنكم لا تستطيعون أن تعتبروا - دون دليل - أن حكم الحديثين اللذَيْن رواهما رواةٌ مختلفون، واحدٌ.
رابعاً: كما رأينا مراراً في الكتاب الحالي لم يكن الكُلَيْنِيّ يُعير اهتماماً لتعارض أحاديثه مع القرآن الكريم أو مع العقل السليم أو مخالفتها لحقائق التاريخ أو تناقضها ومعارضة بعضها للآخر، بل لم يكن ينتبه إلى تكرار الرواية في الباب الواحد([23]). فعليكم أن تُثبتوا أن الكُلَيْنِيّ كان منتبهاً إلى التعارض بين أحاديثه. ولم نرَ أنكم قدَّمتم لنا حتى الآن سوى مجرد الادعاء! ثم لو كان الكُلَيْنِيّ لا يقبل هذه الأحاديث الضعيفة والمعيبة فلماذا أوردها في كتاب كالكافي دون أن يُبدي أي اعتراض عليها أو توضيح لها أو قدح فيها؟([24])
إنني لا أُصدق أن يؤمن شخصٌ صادقاً بالآية 9 من سورة الحِجْر ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ وفي الوقت ذاته يتحمَّل أحاديث الباب 165 ويستطيع أن يرويها في كتابه دون أيَّ توضيح أو إبداءٍ للشك في مضامينها بل يذكرها في كتابه كسائر الأحاديث ويسكت سكوتاً كاملاً عما فيها.
في روايته للحديث 6 من الباب 129 والحديث 7 من الباب 130 ولكي يُقنع قارئه بأن هذه الأحاديث نماذج للمثل المعروف «الفضل ما شهدت به الأعداء» ذكَّر الكُلَيْنِيّ قارئيه بأن «زياد بن مروان القندي» و «ابن قياما» كانا من الواقفة أي المنكرين لإمامة حضرة الرضا وحضرة الجواد والمعارضين لهما. وبعد روايته للحديث الثالث من الباب 118 شرح الكُلَيْنِيّ معنى الحديث للقراء. وفي فروع الكافي وبهدف بيان وجود اختلاف بين الأصحاب حول هوية ذبيح حضرة إبراهيم u - هل هو إسحق أم إسماعيل؟- قال الكُلَيْنِيّ: "وَذُكِرَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَبَا عَبْدِ الله (ع) يَزْعُمَانِ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، فَأَمَّا زُرَارَةُ فَزَعَمَ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ"([25]).
لكنه سكت تماماً عند روايته للأحاديث الموهمة لتحريف القرآن! بل اختار عناوين لأبواب كتابه لا يظهر منها على الإطلاق وجود أي شك أو تردُّد مِنْ قِبَلِه أو عدم موافقته على ما رواه من أحاديث تحت تلك العناوين!
والدليل الآخر على دلالة هذه الأحاديث على تحريف القرآن، هو أن رواة هذه الأحاديث كانوا أشخاصاً خرافيين وحمقى أو فاسدي العقيدة ومنحرفين وكذَّابين لا يتورَّعون عن ذكر أي كذب بشأن القرآن من أمثال من ذكرهم الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» أي «علي بن حسان» وعمه «عبد الرحمن بن كثير الهاشمي» اللذَين رويا أحد عشر حديثاً من أحاديث الباب 165. والنموذج الآخر الأحاديث التي يرويها «عَبْدُ اللهِ بْنُ سِنَانٍ» الذي كان - كما ذكرنا من قبل - شخصاً غير موثوق وكان مع الأسف من مُروّجي أسطورة تحريف القرآن! وقد روى الشيخ الصدوق في كتابه «ثواب الأعمال» حديثاً عن «عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ» نَسَبَ فيه إلى الإمام الصادقu قوله: "سُورَةُ الْأَحْزَابِ فِيهَا فَضَائِحُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ. يَا ابْنَ سِنَانٍ! إِنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ فَضَحَتْ نِسَاءَ قُرَيْشٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَلَكِنْ نَقَصُوهَا وَحَرَّفُوهَا" ([26]).
مثل هذا الشخص ادَّعى في الحديث 23 من الباب 165 أن الإمام الصادق u قرأ الآية 115 من سورة طه المباركة على النحو التالي: (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ كَلِمَاتٍ فِي مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَالْأَئِمَّةِ (ع) مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ فَنَسِيَ. هَكَذَا وَاللهِ نَزَلَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ J!!).
فبأي دليل تقولون لم يكن قصد «عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ» الذي كان يعتقد بتحريف القرآن ولا قصد أشخاص من قبيل «هشام بن سالم» أو «مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ» أو «عبد الرحمن بن كثير» أو «البطائني» وسائر الكذَّابين إيهام الناس بوقوع التحريف في القرآن؟! خاصةً أن مسألة تحريف القرآن وصلت في أوساط [بعض] الشيعة إلى درجة اختراع سورة باسم سورة «الولاية» والادعاء أنه تمّ حذفها من القرآن!!!([27])
أَلْفِتُ انتباهَ القراء الكرام إلى نقطة مهمة وهي أن أغلب الذين رووا أحاديث الباب 165 والأحاديث المشابهة لها أفراد خرافيون قليلو العقل أو ضعفاء وأشخاص منحرفون وكذَّابون وقد عرّفنا بأحوالهم جميعاً في كتابنا الحالي([28]). ونذكر فيما يلي أسماء عدد منهم وإلى جانب كل شخص عدد الأحاديث التي رواها في هذا الباب:
1- مُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ 33 حديثاً.
2- عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ وعمه عبد الرحمن بن كثير 11 حديثاً([29]).
3- مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ 10 أحاديث.
4- أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ 10 أحاديث.
5- عِلِيُّ بْنُ إبراهيم (المعتقد بتحريف القرآن) 9 أحاديث.
6- مُحَمَّدُ بْنُ أُورَمَةَ 8 أحاديث.
7- الوشّاء 8 أحاديث.
8- مُحَمَّدُ بْنُ سِنَان 6 أحاديث، وهو راوي الحديث 437 من روضة الكافي أيضاً.
9- مُحَمَّدُ بْنُ جُمْهُور 6 أحاديث.
10- عِلِيُّ بْنُ أبي حمزة البطائني 6 أحاديث.
11- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ 5 أحاديث، وإضافةً إليها روى الأحاديث 11، 18، 95، 248، 435، 436، 570 من «الروضة من الكافي».
12- سَلَمَةُ بْنُ الْخَطَّابِ البراوستاني 4 أحاديث.
13- الْمُنَخَّلُ 4 أحاديث.
على ضوء ما ذُكر أعلاه نسأل: لو أراد واضعوا مثل هذه الأحاديث أن يفتروا على الإمام وينسبوا إليه أنه قال إنَّه قد وقع تحريفٌ في آيةٍ من القرآن أو تمّ إسقاط كلمات منها، فكيف عليهم أن يقولوا ذلك كي تُقرّوا وتقبلوا بأن أحاديثهم تدل على التحريف؟!
ولما كان الحديث 91 من الباب 165 يمتلك خصائص أحاديث النوع (أ) وخصائص أحاديث النوع (ب) في الوقت ذاته، وكان متنه مشوشاً ويُستخدم في الغالب لخداع العوام، لذلك نقوم هنا بتحليه ونقده:
ß الحديث 91 - لم يُصحِّحه المَجْلِسِيّ ولا البِهْبُودِيّ كلاهما، وصرّح المَجْلِسِيّ بضعفه. كما اعتبره الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» حديثاً باطلاً([30]). هذا الحديث من ناحية سنده مجهول وساقط من الاعتبار أيضاً لوجود «مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ»([31]) في سنده. وبعبارة أخرى سنده في غاية الضعف([32]).
في بداية هذا الحديث تمّ نقل الآية 8 من سورة التغابن بشكل خاطئ واعتبر ما نقله كلام الله واستند إليه واستدل به!! ثم قرأ الآية 8 من سورة الصف على النحو التالي: (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَايَةِ الْقَائِمِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ). فسأله الراوي الإمام: "قُلْتُ هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَّا هَذَا الْحَرْفُ فَتَنْزِيلٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَتَأْوِيلٌ!".
وفي وسط الحديث عندما قرأ الراوي جزءاً من الآية 13 من سورة الجن قام الإمام بتوضيح صورتها الحقيقية فقال الراوي: "قُلْتُ: تَنْزِيلٌ؟ قَالَ لَا تَأْوِيلٌ".
ثم قرأ الإمام الآيات من 21 حتى 23 من سورة الجن على النحو التالي: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلَاغاً مِنَ اللهِ وَرِسَالَاتِهِ فِي عَلِيٍّ).
فقال الراوي: "قُلْتُ هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ".
وتأكيداً لكلامه واصل الإمام قراءة الآية على النحو التالي: (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)!!
ولكن عندما قرأ الراوي الآية 24 من سورة الجن استخدم الإمام تعبير «يعني» واعتبر توضيحه هذا «تنزيلاً».
ثم قرأ الراوي بداية الآية 10 من سورة المزمل بشكل خاطئ([33]) على النحو التالي: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا. وَذَرْنِي يَا مُحَمَّدُ وَالْمُكَذِّبِينَ بِوَصِيِّكَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا). "قُلْتُ: إِنَّ هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ"!
وفي جزء آخر من الحديث قرأ الإمام الآية 118 من سورة النحل كما جاءت في القرآن، فسأله الراوي: "قُلْتُ: هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ".
وفي نهاية الحديث قرأ الراوي الآية 17 من سورة المطففين وسأل: "قُلْتُ تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ". مع أن الإمام استخدم تعبير «يَعْنِي».
كما يُلاحظ في جميع أحاديث الباب 195 وأحاديث «الروضة من الكافي» وحتى أجزاء من الحديث الحالي كلمة «التنزيل» في لسان الحديث غير كلمة «التأويل». ولكن في قسم من هذا الحديث عندما يقرأ الراوي الآية 23 من سورة «الإنسان»: "قُلْتُ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا. قَالَ: بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (ع) تَنْزِيلًا. قُلْتُ: هَذَا تَنْزِيلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَا تَأْوِيلٌ!".
يقول المَجْلِسِيّ:
"ليس [هناك] "نعم" في بعض النسخ وهو أظهر([34]). ورواه صاحب «تأويل الآيات الظاهرة»([35]) نقلاً عن الكافي قال: "لا، تأويلٌ". ولا ندري كان في نسخته كذلك أو صححه ليستقيم المعنى؟ وعلى ما في أكثر النسخ من وجود "نعم" فيمكن أن يكون مبنياً على أن سؤال السائل كان على وجه الإنكار والاستبعاد فاستعمل عليه السلام نعم مكان بلى، وهو شائع في العرف، أو يكون نعم فقط جواباً عن السؤال وذا إشارة إلى ما قال عليه السلام في الآية السابقة، أي هذا تنزيل وذا تأويل. وقرأ بعض الأفاضل: «يَعُمُّ» بالياء المثناة التحتانية وتشديد الميم بصيغة الفعل، فـ«ذا» مفعوله و«تأويلٌ» فاعله، أي هذا داخل في تأويل الخبر، والقول بزيادة "نعم" من النساخ أولى من هذا التصحيف"([36]).
استناداً إلى أحاديث الباب 165 الأخرى وأحاديث «الروضة من الكافي» يُمكننا القول: إن قول المَجْلِسِيّ إن «نعم» زائدة صحيح. يعني أن الراوي سأل في الواقع: هل هذا تنزيلٌ؟ فأجاب الإمام: هذا تأويلٌ (وليس تنزيلاً)، ولو قلنا غير ذلك لما كان ذلك منسجماً مع سائر الأحاديث أو سائر أجزاء هذا الحديث.
ينبغي أن ننتبه إلى أنه لو أراد شخص أن يستند إلى هذه الفقرة بصورتها الحالية، فعليه ابتداءً أن يُثبت صحة هذا الوجه ثم يستند إليها.
إن إشكالات هذا الحديث بالطبع، أكثر من هذا بكثير، ولا تخفى على من له علم بالقرآن الكريم، ونقد فقرات الحديث واحدة واحدة يؤدي إلى إطالة الكلام وتضييع وقت القراء الكرام.
والخدعة الأخرى التي يستخدمونها بشان نوعي الأحاديث (أ و ب) قولهم: إن الأسماء أو المعاني المذكورة في هذه الأحاديث ليس معناها أن هذه الكلمات الزائدة نزلت من عند الله بوصفها جزءاً من ألفاظ القرآن، بل نزلت بوصفها تفسيراً وبياناً للمقصود من الآيات. وبعبارة أخرى إن المقصود من كلمة «التنزيل» أنه كما أنزل جبريل الآيات الإلهية - كما هي مُثبتة الآن في القرآن - أنزل على رسول الله J أيضاً المقصود منها ومعناها، أي أن جبريل أنزل الآية وأنزل معها معناها والمراد الحقيقي منها!!!
فنقول: أولاً: لقد فرّقت الأحاديث - كما مرّ معنا في الصفحات السابقة - بين «التنزيل» و «التأويل»، واعتبرت «التنزيل» غير «التأويل». فكلامكم مجرد ادعاء لا دليل عليه بل مخالف للواقع. فادعاؤكم على أكثر حد - بصرف النظر عن صحته وسقمه - يتعلق بأحاديث التأويل، أما بحثنا فهو حول الأحاديث التي تتحدث عن تنزيل القرآن. (فتأمل)
ثانياً: لنفترض أننا قبلنا ادعاءكم - مجاراةً ودون مطالبتكم بالدليل- بأن قصد الأحاديث المذكورة توضيح الآيات وتفسيرها فقط، ولم يكن الرواة يقصدون أن لفظ آيات القرآن كان على ذلك النحو، وبناءً على ذلك لم يكن من الواجب على كُتّاب القرآن كتابة الآيات على ذلك النحو الذي نراه في هذه الأحاديث، كما لم يكن من الواجب على قراء القرآن أيضاً أن يقرؤوا الآيات ويتلوها بتلك الصورة المذكورة في الأحاديث، لأنه حسب قولكم لدينا تنزيلان:
تنزيل الآية بوصفها القرآن الذي نطق به النبي J وكتبه كتبة الوحي وحفظه الحُفاظ وقرؤوه وتلوه.
والتنزيل الثاني هو معنى الآية والمقصود منها الذي نزل على النبي J أيضاً وكان من الواجب أن تطَّلع الأمة عليه إمَّا من النبي J مباشرةً أو من طريق الأئِمَّة (ع). وهذا التنزيل تفسيرٌ وتوضيحٌ ولا يُعتبرُ قرآناً بل شيئاً مذكوراً إلى جانب القرآن!
لكن الأحاديث تُكذّب ادعاءكم هذا لأنها نسبت في بعض متونها الخطأ إلى الكتابة الحالية للوحي، كالحديث 32 من الباب 165 الذي يقول: "هَكَذَا فِي الْكِتَابِ مَخْطُوطَةٌ"([37]). أو نسبت الخطأ إلى كَتَبَة الوحي أنفسهم كالحديث 247 من «الروضة من الكافي».
في كثير من الأحاديث تمَّ استخدام كلمتي «التنزيل» و«القراءة» مع بعضهما وذلك كالحديث 249 من الروضة إذ جاء في الحديث أن الإمام «تلا» الآية، لا أنه بيّن المراد من الآية أو بيّن تفسيرها. أو الحديث من الباب 122 الذي قال الإمام فيه: أَرْبَى؟ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ فَطَرَحَهَا. أي أمر برفض قراءة كلمة «أَرْبَى» وطرحها، مع أنه من الواضح تماماً أنه إذا كان الأمر يتعلق ببيان المراد من الآية والمقصود منها فلا حاجة إلى طرح الكلمة وتركها. أو الحديث 571 من «الروضة من الكافي» الذي قال الإمام فيه لما سأله الراوي: قُلْتُ هَكَذَا؟؟ فقَالَ الإمام: "هَكَذَا نَقْرَؤُهَا وَهَكَذَا تَنْزِيلُهَا"([38]). أو الحديث 4 من الباب 164 الذي يقول: "وَهَكَذَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ". مع أنه طبقاً لادعاءكم لم يُنزل الله تعالى معنى الآية والمقصود منها في كتابه بل أَطْلَعَ نبيَّهُ عليها بواسطة جبريل، أما ما أنزله بوصفه «كتاباً» وبعنوان القرآن فهو ما بين الدفتين الذي هو في في أيدي جميع المسلمين ويُقرأ ويُتلى مِنْ قِبَلِهم. أو الحديث 3 من الباب 167 الذي يقول: "وَهَكَذَا هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَلِيٍّ (ع)"!
فمن الواضح أن المقصود «قراءة» الآية لا بيان المراد منها، لأن بيان المُرَاد والمعنى المقصود لا يُعَبَّر عنه بـ «قراءة» الآية بل القراءة تتعلق بألفاظ الآية لا معناها. أو حديث «سَالِمِ بْنِ سَلَمَةَ» الذي قَالَ: "قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) وَأَنَا أَسْتَمِعُ حُرُوفاً مِنَ الْقُرْآنِ لَيْسَ عَلَى مَا يَقْرَأُهَا النَّاسُ! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع): كُفَّ عَنْ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، اقْرَأْ كَمَا يَقْرَأُ النَّاسُ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ (ع)، فَإِذَا قَامَ الْقَائِمُ (ع) قَرَأَ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَدِّهِ!!"([39]). ومن البديهي أن الناس لم يكونوا يقرؤون التفسير الذي كان لدى النبي والأئمَّة، بل كانوا يقرؤون ظاهر الآيات.
أو الحديث 569 من «الروضة من الكافي» الذي بيّن الإمام فيه صراحةً «قراءة» الآية ولم يكن المقصود تفسيرها. أو الحديث 62 من الباب 165 الذي قرأ فيه رجلٌ الآيةَ 105 من سورة التوبة ﴿قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ فقال له الإمام: "لَيْسَ هَكَذَا هِيَ إِنَّمَا هِيَ([40]) وَالْمَأْمُونُونَ؛ فَنَحْنُ الْمَأْمُونُونَ"! ومن البديهي أن ذلك الرجل لم يقرأ تفسير الآية كي يقول له الإمام ليس ذلك تفسيرها، بل «قرأ» الرجل الآية فكان التصحيح «للقراءة» وليس للتفسير([41]). أو الحديثَين 11 و18 من «الروضة من الكافي» أو الأحاديث 25 و26 و27 و58 و59 من الباب 165 التي جاءت فيها عبارة: "نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (ع) عَلى مُحَمَّدٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا"، وليس فيها أي إشارة إلى تفسير الآية أو بيان المراد منها بل ظاهر الجملة إرادة ألفاظ الآية ذاتها.
وكذلك الأحاديث التي تقول بشكل عام إنهم حرّفوا القرآن وبدّلوه، كحديث أن القرآن كان 17 ألف آية([42])، أو الحديث 95 من «الروضة من الكافي» أو حديث «عبد الله بن سِنَان» الذي رواه الصدوق (راجعوا الصفحة 752من الكتاب الحالي). أو حديث «بُرَيْد العجلي» (راجعوا الصفحة 755 - 756 من الكتاب الحالي) الذي يقول: "أَنْزَلَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ سَبْعَةً بِأَسْمَائِهِمْ فَمَحَتْ قُرَيْشٌ سِتَّةً وَتَرَكُوا أَبَا لَهَبٍ!!!"([43]). ومن البديهي أن اسم أبي لهب لم يأتِ تفسيراً للقرآن بل ذُكِر في نص الآية. ونظائر هذه الأحاديث - وعددها ليس بالقليل- تثبت كلُّها أن مسألة تحريف القرآن كان لها سابقة وأرضية في أوساط [بعض] الشيعة.
ثالثاً: إن قبول ادّعائكم الذي لا دليل عليه، سببٌ لتوجيه أكبر إهانة وعداء لساحة القرآن المجيد المقدَّسة، لأن أكثر الأحاديث التي تدل على بيان المقصود من الآية والمعنى المُراد من ألفاظها - حسب ادّعائكم - تذكر معانيَ مُدَّعاةً للآيات لا يمكن استنباطها بأي وجه من الوجوه من ظاهر الآية!!
فنتيجة مثل هذه الأحاديث ستكون دليلاً على أنّ القرآن - نعوذ بالله - كان ضعيفاً جداً في بيان مقاصده وإيصال معاني آياته لأفهام قارئيه، وليس هذا سوى عداء للقرآن وأفضل طريق لوصول الفرق والطوائف المنحرفة إلى مقاصدهم ومآربهم، لأنهم سيستطيعون عند ذلك أن ينسبوا ما يشاؤونه من أمور إلى القرآن من خلال وضع أحاديث تحت عنوان بيان المُراد الصحيح من الآيات!
رابعاً: عليكم أن تسحبوا ادّعاءكم بشأن فصاحة القرآن وبلاغته المعجزة وجماله الإعجازي!! لأن ما يلزم عن ادّعائكم هو أن كثيراً من آيات القرآن، علاوةً على كونها غير بليغة في أداء المعنى الذي تريده، لا ترتبط بالآيات التي قبلها وبعدها وسياق الكلام الذي جاءت فيه ولا ترتبط بمقتضى أحوال وأوضاع الخِطِاب والمخاطَبين، وعندئذ سيصبح القرآن كتاباً متفكِّك الأجزاء ومشوَّشاً ومُشتَّتاً، فيُطْرح السؤال التلقائي: ألم يكن الله القدير العليم والحكيم الخبير في رأيكم قادراً على أن يبيّن مُراده في كتابه على نحو أفضل من هذا وأوضح؟
في هذه الحالة أنتم تنكرون بشكل غير مباشر معجزة النبيّ الأكرم J الباقية وسند نبوّته القاطع. فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ!
خامساً: لو تقرّر أن تُسْتَنْبَط من الآيات الإلهية معانٍ أخرى غير المعاني التي يدلّ عليها ظاهر الكلام أو تدلّ عليها القرائن الموجودة في الآيات، ولم يكن أحد يعرف تلك المعاني الأخرى سوى الأئِمَّة، لأنها معانٍ خفيّة ليس بينها وبين سياق الآيات أي ارتباط ولا تتعلق بظروف نزول الآيات ولا أسبابها، لو كان الأمر كذلك، فلماذا لم يُعلِن القرآنُ أو النبيّ J - على الأقل لإتمام الحجة - للأمة بصورة واضحة وصريحة أن عليكم أن ترجعوا في فهم تلك الآيات إلى أشخاص معيّنين هم فلان وفلان؟ لماذا لم يعرّف أولئك الأشخاص للأمة بصورة واضحة وقاطعة؟ ولماذا لم يوضِّح الأئمَّة تلك المعاني إلا إلى عدد من الرواة الكذابين والضعفاء؟!
سادساً: بالنظر إلى أن الهدف الأصلي والأساسي من إنزال الكتاب هو في الواقع إبلاغ مقاصده ومعانيه للناس، وأن الله الرؤوف الرحيم لم يُرِد أن يبيّن لعباده كتاباً سلساً وفصيحاً وميسّراً للذكر فقط (حسب زعمكم)، ففي هذه الحالة كان أهم واجب على النبي والأئمَّة إبلاغ الأمة تلك المعاني والمفاهيم التي لا يمكن استفادتها من ظاهر الآيات مهما أعمل الإنسان الدقة والتدبر فيها، إذ لا يعلمها إلا النبي والإمام فقط. وَمِنْ ثَمَّ فإن ادّعاءكم هذا أفضل دليل على أن النبيَّ الأكرمَ J قصَّرَ - نعوذ بالله - في إبلاغ معاني آيات كتاب الله، لأنه كما قلنا لو كانت المقاصد الإلهية من الآيات بعيدة إلى هذا الحد من ظاهر ألفاظها لكان من الضروري حتماً على النبي - والأئمَّة أيضاً - أن يبذلوا غاية جهدهم في إبلاغ عامة الناس المقاصد الحقيقية لآيات الله - هذا في حين أن هذه المعاني والمقاصد لم تصلنا سوى عن طريق أخبار آحاد ناقلوها عدة من الضعفاء والكذابين والمجهولين!!
هل كان الله تعالى - والعياذ بالله - مثل الملا نصر الدين الذي كان يكتب الرسائل ويأخذها بنفسه إلى مخاطَبِه ليوصلَها إليه ويقرأَهَا عليه؟! أنتم تقولون إن الله القدير والعليم والحكيم والخبير كان يُنزِل آية ويُنزِل معها معناها كي يتبيّن قصده ومراده من الآية. ثم كان يُنزِل تلك المقاصد على النبي الذي لم يبلِّغ الأمة سوى ألفاظ آيات القرآن ولم يَقُمْ بتبليغ تلك المعاني التي نزلت عليه إلى الأمة على النحو المطلوب، بل ترك إبلاغها على عاتق عدة من الضعفاء والمجاهيل!! ألم يكن الله العليم القدير قادراً على أن يبيّن آياته بصورة واضحة توصل من تلقائها ما يُراد منها من معانٍ ولا يحتاج إلى إنزال معانيها معها؟!! سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوَّاً كَبِيراً.
سابعاً: أمر الله تعالى عباده فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [الأحزاب/70]، بل أمرهم أن يقولوا قولاً سديداً بشأن أمور تتعلق بالأسرة كإظهار وصيّة الميّت لورثته، فقال: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء/9].
وحذّر المسلمين من التكلُّم أثناء أداء الشهادة بكلام مُبْهَم يمكن أن يدل على معنيَيْن مُختلِفَيْن، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِـلَّهِ ... وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء/135].
من البديهي أن التكلم بالقول السديد البيِّن أشدّ وجوباً وألزم في شأن إمام الهداية لأنه مقتدى الأمة جميعها لا بد، بالطبع، أن يكون بيانه بشأن الأمور المرتبطة بالشريعة وهداية خلق الله بياناً واضحاً سديداً يتّضح منه المقصود والمُراد بشكل بيّن تماماً وبعيداً عن كل إبهام وإيهام، كي تتم الحجة على الناس من جهة وكي لا يقع الناس في شك وتردُّد وخطأ من الجهة الأخرى ولا يُحرَموا من الهداية، لا أن يتكلّم بكلام يُستَنْبَط منه وقوع التحريف في القرآن!
إن كنتم تعتبرون هذه الأحاديث من كلام الأئمَّة فعلاً، وكنتم تعتبرون الأئمَّة مفسِّرين لمقاصد الآيات ومبيّنين لمجمَلات كتاب الله، وأنه يجب علينا أن نرجع إلى كلامهم لنفهم بواسطته تفسير القرآن، فإننا نسألكم: لماذا تكلّم الأئمَّة في هذه الأحاديث - خاصة الأحاديث من النوع ب - على نحو يَفهَم كلُّ إنسانٍ منه تحريف القرآن؟ إن هذا العمل لم يكن مفيداً إطلاقاً وليس هذا فحسب بل مخالفاً للتقية، لأن مسألة تحريف القرآن لم تكن في صالح أي شخص في المجتمعات الإسلامية ولم تكن مفيدةً لدفع الأخطار، ولذلك لو كان المقصود من هذه الأحاديث أمراً غير تفهيم مسألة التحريف وكانت الأحاديث صادرةً عن الأئِمَّة فعلاً، لتكلّم الأئمَّة قطعاً على نحو لا يمكن لأحد أن يحتمل منه تحريف القرآن من كلامهم.
ثامناً: لا يخفى أننا لا نعتبر أحاديث الباب 165 ونظائرها صادرةً بأي وجه من الوجوه عن الأئِمَّة - عليهم السلام - بل نعتقد جازمين أن الوضَّاعين الكذَبة افترو أمثال هذه الأحاديث على الأئِمَّة ونسبوها إليهم زوراً وبهتاناً، وأن الأئِمَّة كانوا مدافعين عن القرآن الكريم. كما جاء في تفسير العياشي وتفسير البرهان ورجال الكِشِّيّ: أنه قِيلَ للإمام الصادق u: رُوِيَ أَنَّ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْأَنْصَابَ وَالْأَزْلَامَ رِجَالٌ؟؟ فَقَالَ: مَا كَانَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيُخَاطِبَ خَلْقَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُون"([44]).
فهذا الحديث يردُّ تماماً أحاديث الباب 165 جميعها، ويتَّفق تماماً مع القرآن الذي يقول: ﴿مَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم/4]، ويقول: ﴿هَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل/103]، ويقول: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [القمر/17]، ولو كان للقرآن معان غير ما تدل عليه ألفاظ آياته وجمله والقرائن الموجودة في الآيات، لكان من الواجب على الله أو النبي أن يعلن للأمة بوضوح تام تلك المعاني والمقاصد التي لا تُفهم من ظاهر الألفاظ، كأن يقول إذا قلت لكم «الخمر» فإنني أقصد منها معنىً غير ما يفهمه العرب من الكلمة!
والحال أن القرآن لم يعرِّف نفسه على هذا النحو أبداً ولا أخبر النبيُّ أمَّتَه بمثل هذا الأمر أبداً. والعارفون بعلم أصول الفقه يعلمون أنه لا يمكن الجمع بين إرادة الحقيقة وإرادة المجاز من كلمة واحدة فمثلاً لا يمكننا أن نفسر كلمة «أسد» في جملة ما بأن المقصود منها الحيوان المعروف والمقصود منها أيضاً وفي الوقت ذاته: الرجل الشجاع.
تاسعاً: إن ادعاءكم تنزيل معاني الآيات والمقصود من ألفاظها مع ألفاظ الآيات مجرد ادعاء لا أساس له من الصحة على الإطلاق - كما قلنا سابقاً- ولا ينسجم هذا الادعاء مع كتاب الله، لأن القرآن الكريم الذي نزل به الروح الأمين بلسان عربي مبين (النحل/103، والشعرا/193 و195) واضح المعاني بين المقاصد في حدِّ ذاته ولا يحتاج إلى إنزال معان خاصة له. إن الحق تعالى أقدرُ المتكلمين على الكلام بنحو يؤدي المقصود ويوصلُ المعنى المطلوب للسامعين بأوضح نحو من الأنحاء، على نحوٍ يمكن لكل الناس أن يفهموا المراد من كلامه تعالى.
عاشراً: لقد استنبط بعض مشاهير علماء الشيعة من هذه الأحاديث -كما قلنا - معنى وقوع التحريف في القرآن، وَمِنْ ثَمَّ اعتبروا هذه الأحاديث من موضوعات الفرق المنحرفة وأكاذيبهم التي تسرَّبت إلى كتب الشيعة، وذلك مثل السيد المرتضى (رحمه الله)، والشيخ الطَّبْرَسِيّ مؤلف تفسير «مجمع البيان» والشيخ عبد الجليل القزويني في كتابه «النقض» (ص 282)، الذين اعتبروا مثل هذه الأحاديث من وضع الغلاة والأخبارية (الحشوية) والديصانية([45]). لكن الكُلَيْنِيّ أورد في كتابه مثل هذه الأحاديث دون انتباه إلى هذا الموضوع فساعد بذلك الفرق الضالة على ظلمهم للقرآن الكريم وللأئِمَّة - عليهم السلام - !
وننقل لكم هنا رأي الشيخ «عبد الجليل القزويني» بشأن الأحاديث المشابهة لأحاديث الباب 165 ، إذْ قال رداً على أحد الكُتَّاب من أهل السنة:
"أما قوله: ويجعلون بأهوائهم كلَّ آية نازلة لسبب آخر، متعلِّقةً بعليٍّ (ع)، كما يقولون مثلاً بشأن قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ [الزخرف/45] فيدَّعون أن تفسيرها: "سَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا عَلَى مَا بُعِثُوا؟ فَقُلْتُ: عَلَى مَا بُعِثْتُمْ؟ قَالُوا: عَلَى نُبُوَّتِكَ وَوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَئِمَّة!"([46])، وأن رسول الله J كان يتهاون في إبلاغ أمر ولاية عليٍّ (ع) ويخفي إمامته إلى ن نزلت يوم «غدير خُم» الآية التي فيها تهديد له وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فِي عَلِيٍّ﴾ [المائدة/67]، فرفعها فوق السروج.
ونقول في الإجابة عن هذه الكلمات: إنّ جعل كل آية نازلة بحق عليٍّ (ع) بدعة وتهمة وضلالة وقول لا أصل له ولا أساس له من الصحة وذلك كسائر الأقوال التي تَنْسِب إلى الآيات نزولها في حق أشخاص، وكل عاقل عالم إذا نظر في آخر الآية المذكورة عَلِم كذب هذا المصنِّف المجبِّر وقلّة أمانته، لأن الله تعالى يقول: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ [الزخرف/45]، ولم يترك الله تعالى موضوع السؤال مبهماً كي يمكن لأحد أن يُؤَوِّله بأن المقصود منه السؤال عن عليٍّ (ع)، بل صرّح الله بموضوع السؤال فقال: ﴿أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾؟؟ [الزخرف/45]. فما علاقة إمامة عليٍّ أو غير عليٍّ بالآية وأي شبهة في معنى الآية حتى تعنّ الحاجة إلى تأويلها؟! وكيف يسمح شخص لا يملك من معرفة اللغة والتفسير إلا النذر اليسير لنفسه أن يفسِّر الآية على ذلك النحو؟! إن الآية في صدد إثبات وحدانية الله ونفي الأصنام، ولو كان هذا المصنِّف صادقاً لوجب عليه أن يبيّن لنا مستَنَدَهُ فيما ادّعاه من وجود مثل هذا التفسير لدى أصحاب الشيعة، أو يحيلنا إلى عالم معتَمَد من علماء الشيعة قال بذلك أو إلى راوٍ أمين. ما علاقة تلك الآية بالإمامة؟ إن كل من قرأ آخر الآية لم تبقَ له أي شبهة في حقيقة معناها"([47]).
ثم قال في موضع آخر:
"وأما قوله: إنهم يقولون إن معنى ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ [القلم/1]: أقسم بمحمد وعلي. فجوابه أن مذهب الشيعة في تفسير هذا القَسَم هو أن الباري تعالى أقسم باللوح والقلم بدليل تتمة الآية: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ [القلم/1]، وهذه السورة نزلت بمكة، وأول السور نزولاً على المصطفىJ، حسب قول بعض المفسِّرين، هي سورة «إقْرَأْ» ثم نزلت بعدها سورة «القَلَم» في بداية البعثة، فكيف يمكن أن يقسم الله بعليٍّ (ع) فيها؟ وقد بيّنّا أن القَسَم كان باللوح والقَلَم بقرينة قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾... الخ"([48]).
وقال أيضاً:
"وأما قوله ..... اعلم أنّه جاء في بعض قراءات القرآن عند الروافض، طبقاً لما قاله علي بن إبراهيم بن هاشم الذي كان من قدماء الروافض أن تأويل آية: ﴿رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ [فصلت/29] أن الشخصين الجهنميَّين من أمة محمد اللذَيْن تشير لهما الآية أبو بكر وعمر اللذان أسسا أساس الظلم في أمر الخلافة"([49]).
فنقول إجابة عن هذه الكلمات: إنه لا يخفى على أي عالم أن هذه الإحالة والتفسير بهتان وزور وكذب لعدَّة وجوه:
أولها أنه قال إن هذا الكلام عن الإضلال يقوله أهل جهنَّم من أمَّة محَمَّد، وَيَتَبَـيَّنُ من أوَّل الآية أن الباري تعالى يتكلَّم في سورة «فُصِّلَت السجدة» عن الكافرين فيقول: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ...﴾ [فُصِّلَت/29]، أي قال الذين كفروا في الدنيا وصاروا في جهنّم: ربنا أرنا الشخصين اللذَيْن أضلانا من الجن والإنس، فالآية تتكلم إذاً عن شخصين ليسا من أمة محمَّد بل من الكافرين، ولو كان المقصود من الآية أبا بكر وعمر - كما زعم المصنِّف - فإنهما أضلَّا في أمر الخلافة أمَّة محمَّدٍ ولم يضلَّا الكافرين، في حين أن الآية تتكلم عن قول الكافرين.
ثم إن المفهوم من الآية أن أحد الشخصَين من الجنّ والآخر من الإنس في حين أن أبا بكر وعمر كلاهما إنسيّان. فتأويل الآية وتفسيرها بهما جهل وخطأ، ولو قدّرنا أن للشيعة خصومةً مع أحد فلا يجوز لهم أن يُفَسِّروا الآية من القرآن على وجه خاطئ لا يتناسب مع ألفاظ الآية"([50]).
ثم قال أيضاً:
"وأما قوله: وقال زرارة بن أعين الرافضي أن الصادق سُئِلَ عن تأويل الآية: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ 25 وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ [الفجر/25-26] فيمن نزلت؟ فقال: في شأن أبي بكر وأن الله تعالى يقول أنه سيعذّبه يوم القيامة عذاباً لا يعذِّب به أحداً آخر من الخلق، لأنه جلس على المنبر بغير وجه حق بدليل أن الثعبان لدغ رجله في الغار. فدعا له السيد - عليه السلام - فتحسّن حاله وقال له: إذا وضعت رجلك على موضع ليس لك فستؤلمك! فلما وضع رجله على المنبر آلمته فصاح من ألمه قائلاً: أقيلوني، أقيلوني! وأمثال هذه الخرافات وأنواع البهتان كثيرةٌ لديهم.
فنقول في الإجابة عما ذكره: إن هذه القصّة لا توجد في أي كتاب من كتب الشيعة الأصوليين، والإمام الصادق عليه السلام أجلُّ شأناً وأرفع من أن يخطئ في تفسير القرآن وهو أعلم بسبب نزول كل آية وهو يعلم أن هذه الآية من سورة الفجر، وأنه جاء قبلها قوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ [الفجر/17]، ولم تكن هذه صفة أبي بكر الذي كان يخدم خادم جميع الأيتام([51]). ثم قال تعالى: ﴿وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الفجر/18]، ولم تكن تلك صفة أبي بكر الذي كان يبذل الأموال. ثم قال تعالى: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا﴾ [الفجر/19]، وهذه أيضاً لم تكن صفة أبي بكر الذي كان مقتصداً وقانعاً في الإنفاق. ثم قال: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر/20]، وليست تلك صفة أبي بكر الذي كان على مذهب النبي J الذي لم يكن لديه سوى الحصير مما ورثه واكتسبه. فهذه الآية وَعِيدٌ بمعاقبة جماعة يتّصفون بتلك الصفات ولذلك فإن ذلك الراوي الذي روى تلك القصة كذباً يستحق عقاب الله.
إن الذي يظهر أن كلام مصنِّف ذلك الكتاب الذي ادّعى أنه أمضى 25 عاماً من عمره على ذلك المذهب([52])، كله ظنون وأكاذيب، وأنه كان شخصاً من الغلاة والأخباريين الحشوية ولذلك أتى بشبهات الغلاة والأخبارية والديصانية لا بمذهب الأصوليين من الشيعة، وَالْحَمْدُ لِـلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"([53]).
وأما حول الأحاديث التي أضيفت فيها كلمات من قبيل «في علي» أو «ولاية علي» أو «آل محمد» و..... على آية من آيات القرآن، فاقرؤوا ما قاله الشيخ عبد الجليل القزويني إذ قال:
"وأما قوله إنهم يضيفون على الآيات كلمات من عندهم فيقولون: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في علي﴾ [النحل/24]، أو يقولون:﴿فَفَرِيقًا من آل محمد كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ في كربلاء﴾ [البقرة/87].
فنقول في الجواب: إن هذه الإحالات غير صحيحة وهي إشارات باطلة ونقلٌ لا أصلَ له. وكل عاقل عالم يعلم أن مثل هذا التفسير لا يتفق مع نظم القرآن وأسلوبه، وأن ركاكة الكلمات ظاهرة فيه، وأن الباري تعالى حافظٌ للقرآن وأن فصحاء العالم وبلغائه لا يقدرون أن يزيدوا في القرآن شيئاً أو ينقصوا منه، وأنه لو جاز ذلك في آيةٍ واحدةٍ لجاز في جميع الآيات والسور، وإذا أخذنا بعين الاعتبار كثرة أعداء القرآن وخصومه، لكن من الواجب أن لا يبقى القرآن على أصله الأول لكثرة التصرفات فيه، وكل عاقل منصف يسمع هذا لا يمكنه أن يصدقه، و....... والقول إن هناك زيادة ونقصان في أصل القرآن بدعة وضلالة وليس هو مذهب الأصوليين، وإن روى الغلاة والحشوية أحاديث في ذلك..... فأحاديثهم ليست حجَّة على الشيعة، والذي يوضِّح ذلك أن الباري تعالى قال مستخدماً صيغة الفعل الماضي ﴿قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [النحل/24]، وهذا إحالة إلى اليهود والنصارى ومشركي العرب لا إلى أمَّة محمَّد.
وأما تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة/87]، فإن الشيعة براء مما ذكره وأصحاب رسول الله أيضاً منزهون عن ذلك وكل آية مثلها أتوا بها وقالوا إنه قد زيد فيها فجوابه ما قلناه والأولى ترك التكرار الذي ليس فيه فائدة. "([54]).
***
على ضوء تلك المقدمة التي مضت، نبدأ الآن بنقد وتمحيص أحاديث الباب 165 الفاضح من الكافي:
اعلم أن الأستاذ البِهْبُودِيّ لم يُصَحِّحْ من أحاديث هذا الباب كُلِّها [البالغ عددها 92 حديثاً] إلى حديثين فقط هما الحديث 17 و الحديث 66! ونذكِّر بأن المَجْلِسِيّ اعتبر الحديث 66 هذا [الذي صحَّحه البِهْبُودِيّ] مجهولاً.
أما رأي المَجْلِسِيّ بأحاديث هذا الباب فنذكرها في الجدول التالي:
1- مرفوع: الحديث رقم 36.
2- مُرسَل: الحديثان 1 و 2.
3- مجهول: 5، 19، 24، 28، 35، 48، 51، 66، 76، 78، 81، 82، 86، و91.
4- الحديثان 6 و 65 مجهولان كالصحيح!
5- الأحاديث الضعيفة: الحديث 3، والأحاديث 7 إلى 16، والحديث 18 والأحاديث 20 إلى 23، و25 إلى 27، و29 إلى 34، و37 إلى 47، والحديثان 49 و50. والأحاديث 52 إلى 64، و68 إلى 71 والأحاديث 73، 77، 79، 84، 85، 87، 88، 90، و92.
6- الحديث 63 ضعيفٌ اعتبره المَجْلِسِيّ كالصحيح!!
7- مُوَثَّق: الحديث 67.
8- حسن: الحديث 4 .
9- حسن أو مُوَثَّق: الحديث 89 .
10- الأحاديث الصحيحة: 17، 72، 74، 80 و 83. وبالمناسبة اعتبر المَجْلِسِيّ السند الأول للحديث 75 ضعيفاً وسنده الثاني صحيحاً.
ولكن، بالطبع، لا يخلو متن أي حديث من أحاديث هذا الباب من إشكالٍ وعلّةٍ، ولكننا سنبدأ أولاً بتمحيص الأحاديث التي اعتبرها البِهْبُودِيّ أو المَجْلِسِيُّ صحيحةً أو مُوَثَّقةً أو حسنةً:
ß الحديث 17 - يتعلَّق بالآية 19 من سورة «الانشقاق» المكِّيّة، ولا يتضمن متنه أي مطلب مهمّ ومفيد. وقد أبهم أسماء الأشخاص فقال أما فلان وفلان وفلان كي يشير إلى الخلفاء الراشدين وينفخ في نار الفرقة والاختلاف، ويُفَرِّح قلبَ أعداء الإسلام.
ß الحديث 72 - لا يتضمَّن أي مطلب مهم.
ß الحديثان 4 و 74 - ذكر الرواة أن الإمام سُئلَ عن آيةٍ من سورة التغابن: ﴿فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ فقال: "عَرَفَ اللهُ إِيمَانَهُمْ بِوَلَايَتِنَا وَكُفْرَهُمْ بِهَا يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي صُلْبِ آدَمَ (ع) وَهُمْ ذَرٌّ!!".
أيها القارئ المحترم! تأمَّل قليلاً، هل من المعقول أن يطلب الله الرحيم من أتباع حضرة نوح أو حضرة يوسف - عليهما السلام - أو ..... أن يؤمنوا بابن عم النبي الذي لم يولد أجداده بعد وأن يؤمنوا بأولاده؟! هل تحتمل مجرد احتمال أن يقول الإمام الجليل مثل هذا الكلام؟! هل كان راوي هذا الحديث من أنصار الإمام فعلاً؟!
وبالطبع لقد ادّعى الحديث أكثر من هذا أيضاً، وقال إن الله أخذ الميثاق على ولايتنا في «عالم الذَرّ» من جميع عباده الذين كانوا في صلب آدم! هذا في حين أن الحقيقة أن قصة «عالم الذَرّ» من الخرافات والأوهام ولا دليل عليها أبداً في الكتاب والسنة، والله لا يأخذ العهد والميثاق من ذرَّاتٍ فاقدةٍ للشعور. ولا يجوز أن ننسب إلى الدين شيئاً لا دليل شرعي عليه. (فتأمّل)
ومن الطريف أن نعلم أن الكُلَيْنِيّ كرّر صدر الحديث 74 في الحديث الرابع من الباب 64 ونقلَ الآية القرآنيّة على نحو خاطئ هناك، ووضع المتعصبون هذا الخطأ على رقبة النُسَّاخ! ولسنا نصرّ على إنكار هذا الادّعاء ولكننا نسأل لماذا أخطأ جميع النُسَّاخ هناك ولم يخطئ أي واحد منهم في الحديث 74 من هذا الباب؟! لماذا لا نقول إن الكُلَيْنِيّ أخطأ في نقل الآية فتبعه النسّاخ في خطئه؟! ثم ماهي خصوصية هذا الحديث وميزته حتى يكرر الكُلَيْنِيّ صدره مرةً ثانيةً في هذا الباب؟! وقد اعتبر المَجْلِسِيّ سند هذا الحديث حسناً مرة وصحيحاً مرة أخرى؟!
ß الحديث 75 - اعتبر المَجْلِسِيّ السند الأول له ضعيفاً، واعتبر سنده الثاني صحيحاً. راوي السند الثاني هو «الْعَمْرَكِيُّ» الذي عرَّفْنا به سابقاً (ص 426- 428)، وقد نقدنا حديثه هذا خلال ذكرنا لنماذج من أحاديثه، في الصفحات الماضية (ص 428).
ß الحديث 80 - يدَّعي بشأن الآية 24 من سورة إبراهيم التي تقول: (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) أنَّ: "رَسُولُ اللهِ J أَصْلُهَا، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فَرْعُهَا، وَالْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا أَغْصَانُهَا...!". ولكن الراوي لم ينتبه إلى أن الآية مكية، وفي العهد المكي لم يكن موضوع الإمامة مطروحاً أصلاً، وقد فسَّر المفسِّرون الكلمةَ الطيِّبَةَ التي شبَّهَهَا اللهُ بالشجرة بكلمة التوحيد.
ß الحديث 83 - رغم أن راويه «الْبَزَنْطِيُّ»، إلا أن المجلسي لما وجد فيه إشارة إلى فلان وفلان وفلان، أعجبه الحديث، ونسي أن القرآن الكريم قال إن أَهْلَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ (النساء/51) ولم يؤمنوا بالخلفاء الثلاثة الأوائل! فكيف نعتبر الخلفاء مصداقاً للجبت والطاغوت مع أن علياً (ع) بايعهم بالخلافة جميعاً؟! لقد أضفى عليٌّ (ع) بمبايعته لهم الشرعية على خلافتهم فهل يمكن لعليٍّ أن يعطي الشرعية لحكومة الجبت والطاغوت؟! نعوذ باللهِ تعالى من العصبيَّة. وارجِعوا أيضاً إلى ما ذكره الشيخ الطَّبْرَسِيّ في تفسيره «مجمع البيان» ذيل تفسيره للآية 51 من سورة النساء.
في هذا الحديث يقول إن المقصود من آية: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود/119]: شيعة الأئمَّة! ولكن كما قلنا مراراً وتكراراً: السورةُ المذكورةُ مكيةٌ وفي ذلك الزمن لم يكن هناك وجودٌ للشيعة وغير الشيعة كي تتحدَّث عنهم آيات القرآن.
ويقول الحديث إن المقصود من الآية 64 من سورة يونس إن الإمام بشّر الشيعة بظهور الإمام القائم وقتل أعدائه! هذا في حين أن سورة يونس مكية ولم تكن قضيةُ الإمامة مطروحةً أصلاً في الفترة المكية فما بالك بالإمام القائم؟!!
ß الحديث 67- يرويه «حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ» راوي الخرافات الذي ادَّعى أن الإمام الباقر سُئل بشأن الآيتين 35 و36 من سورة الذاريات المكية أي "عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾؟ فَقَالَ: آلُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرُهُمْ؟!".
ليت شعري! هل فهم واضع الحديث ما لفّقه من كلام؟!
إن «حَنَانَ بْنَ سَدِيرٍ» هو ذاته الذي روى أن شخصاً قال بحضرة باقر العلوم (ع): "يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ! إِنِّي أَجِدُ مِنْ شِيعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ مَوَالِيكُمْ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُ الرِّبَا وَيَزْنِي وَيَلُوطُ وَيَتَهَاوَنُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَبْوَابِ الْبِرِّ حَتَّى إِنَّ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ يَأْتِيهِ فِي حَاجَةٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يَقْضِيهَا لَهُ فَكَيْفَ هَذَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هَذَا؟ قَالَ فَتَبَسَّمَ الْإِمَامُ (ع) وَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَإِنِّي أَجِدُ النَّاصِبَ الَّذِي لَا أَشُكُّ فِي كُفْرِهِ يَتَوَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَلَا يَسْتَحِلُّ دِرْهَماً لِمُسْلِمٍ وَلَا يَتَهَاوَنُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَيَقُومُ بِحَوَائِجِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ لِـلَّهِ وَفِي اللهِ تَعَالَى فَكَيْفَ هَذَا وَلِمَ هَذَا؟ فَقَالَ (ع): يَا إِبْرَاهِيمُ! لِهَذَا أَمْرٌ بَاطِنٌ وَهُوَ سِرٌّ مَكْنُونٌ وَبَابٌ مُغْلَقٌ مَخْزُونٌ وَقَدْ خَفِيَ عَلَيْكَ وَعَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَمْثَالِكَ وَأَصْحَابِكَ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُؤْذِنْ أَنْ يَخْرُجَ سِرُّهُ وَغَيْبُهُ إِلَّا إِلَى مَنْ يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ أَهْلُهُ! ......
ثم قَالَ (ع): اعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ أَرْضاً طَيِّبَةً طَاهِرَةً وَفَجَّرَ فِيهَا مَاءً عَذْباً زُلَالًا فُرَاتاً سَائِغاً فَعَرَضَ عَلَيْهَا وَلَايَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَبِلَتْهَا فَأَجْرَى عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَاءَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَضَبَ عَنْهَا ذَلِكَ الْمَاءُ بَعْدَ السَّابِعِ فَأَخَذَ مِنْ صَفْوَةِ ذَلِكَ الطِّينِ طِيناً فَجَعَلَهُ طِينَ الْأَئِمَّةِ عليهم السلام ثُمَّ أَخَذَ جَلَّ جَلَالُهُ ثُفْلَ ذَلِكَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهُ شِيعَتَنَا وَ[مُحِبِّينَا] مُحِبُّونَا مِنْ فَضْلِ طِينَتِنَا...
ثم قَالَ (ع): خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَيْضاً أَرْضاً سَبِخَةً خَبِيثَةً مُنْتِنَةً وَفَجَّرَ فِيهَا مَاءً أُجَاجاً مَالِحاً آسِناً ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهَا جَلَّتْ عَظَمَتُهُ وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فَلَمْ تَقْبَلْهَا وَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَضَبَ ذَلِكَ الْمَاءُ عَنْهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ كُدُورَةِ ذَلِكَ الطِّينِ الْمُنْتِنِ الْخَبِيثِ وَخَلَقَ مِنْهُ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ وَالطُّغَاةَ وَالْفَجَرَةَ. ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بَقِيَّةِ ذَلِكَ الطِّينِ فَمَزَجَ بِطِينَتِكُمْ وَلَوْ تَرَكَ طِينَتَهُمْ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَمْزُجْ بِطِينَتِكُمْ مَا عَمِلُوا أَبَداً عَمَلًا صَالِحاً وَلَا أَدَّوْا أَمَانَةً إِلَى أَحَدٍ وَلَا شَهِدُوا الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا صَامُوا وَلَا صَلَّوْا وَلَا زَكَّوْا وَلَا حَجُّوا وَلَا أَشْبَهُوكُمْ فِي الصُّوَرِ ....
..... ثُمَّ مُزِجَ الطِّينَتَانِ بِالْمَاءِ الْأَوَّلِ وَالْمَاءِ الثَّانِي فَمَا تَرَاهُ مِنْ شِيعَتِنَا مِنْ رِبًا وَزِنًا وَلِوَاطَةٍ وَخِيَانَةٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَتَرْكِ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ وَجِهَادٍ فَهِيَ كُلُّهَا مِنْ عَدُوِّنَا النَّاصِبِ وَسِنْخِهِ وَمِزَاجِهِ الَّذِي مُزِجَ بِطِينَتِهِ! وَمَا رَأَيْتَهُ فِي هَذَا الْعَدُوِّ النَّاصِبِ مِنَ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ فَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ طِينِ الْمُؤْمِنِ وَسِنْخِهِ وَمِزَاجِهِ! فَإِذَا عُرِضَ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِ وَأَعْمَالُ النَّاصِبِ عَلَى اللهِ يَقُولُ جَلَّ وَعَزَّ: أَنَا عَدْلٌ لَا أَجُورُ وَمُنْصِفٌ لَا أَظْلِمُ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي مَا أَظْلِمُ مُؤْمِناً بِذَنْبٍ مُرْتَكَبٍ مِنْ سِنْخِ النَّاصِبِ وَطِينِهِ وَمِزَاجِهِ. هَذِهِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ كُلُّهَا مِنْ طِينِ الْمُؤْمِنِ وَمِزَاجِهِ، وَالْأَعْمَالُ الرَّدِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ مِنَ الْمُؤْمِنِ مِنْ طِينِ الْعَدُوِّ النَّاصِبِ. وَيُلْزِمُ اللهُ تَعَالَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا هُوَ مِنْ أَصْلِهِ وَجَوْهَرِهِ وَطِينَتِهِ.....!!".
بعد أن ذكر «هاشم معروف الحسني» هذا الحديث قال:
"وهذه الرواية تخالف نصوص القرآن الكريم الذي حمَّل كلَّ إنسانٍ سيئات أعماله، وفي الوقت ذاته تدُلُّ على أن جميع ما يأتيه الإنسان من خير أو شرٍّ إنما هو من لوازم الطينة التي خُلِقَ منها، وليس له اختيارٌ في شيءٍ من أموره، هذا بالإضافة إلى أن الرواة بين مجهول الحال، وبين مُتَّهمٍ في عقيدته والكذبِ على الأئِمَّة عليهم السلام." ([55]).
ß الحديث 89- من رواته «ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ» الذي ذهبت آثاره وكان يروي من حِفْظِهِ وذاكِرَتِهِ، روى عن «سماعة» الواقفي "أن الإمام قال فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي﴾ قَالَ: بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ أُوفِ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ"!
وسنذكر هنا الآية ونترك الحكم للقُرَّاء. قال تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة/40].
ß الحديث 6- من رواته «رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ» الذي نقدنا حديثه فيما سبق (ص 378). وهو من رواة الخرافات. وننقل لكم هنا خرافة أخرى من خرافاته لكي تتعرفوا عليه أكثر. إنه يدَّعي أن الإمام الصادق u قال: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ حَوْلَ قَبْرِهِ [أي قبر سيد الشهداء (ع)] أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٍ غُبْرٍ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة!!"([56]).
حقاً إننا لنسأل: ما الفائدة من هذا العمل؟! هل هذه معارف التشيُّع؟!
ß الحديث 65- اعتبر المَجْلِسِيُّ هذا الحديث كالصحيح!! يقول كذَّابٌ يُدعى «مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ» إن الإمام قال: إن المقصود من «المَسَاجِدِ» في الآية 18 من سورة الجن: "الأوصياء"، وغفل عن أن سورة الجن مكية ولم يكن موضوع الوصية مطروحاً أصلاً في ذلك الزمن. ومن المناسب هنا أن ننقل لكم رأي الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» حول هذا الحديث، قال:
"وبلا شكّ فإن هذه الرواية من موضوعات الغُلاة، ومِمَّا يؤيِّد ذلك أن «مُحَمَّدَ بْنَ الْفُضَيْلِ» الراوي لها قد ألصقَ به المؤلِّفونَ في أحوالِ الرواةِ هذه التُّهْمَةَ، وأما الراوي الأوَّل لها وهو محمَّد بن إسماعيل فهو مشترك بين الضعيف والثِّقة.
ولو افترضنا أن الرواةَ لهذه الرواية كلَّهُم من الموثوقين، فهل يجوز على الإمام الصادق الصدوق أن يتصرَّف في القرآن الكريم بمثل هذه النوع من التأويل الذي لا يتناسب مع أسلوب القرآن وإعجازه؟ وهو القائل: إذا اشتبهت عليكم الأحاديث المروية عنَّا فاعرضوها على كتاب الله، فما خالف كتاب الله فليس من أحاديثنا"([57]).
ß الحديثان 24 و 63- الحديث 63 ضعيف لوجود «أحمد بن مِهران» في سنده، وهو مجهولٌ وضعيفٌ حسب قول المرحوم الغضائري. الراوي الأول للحديث أي «هشام بن الحَكَم» لم يكن ذا عقيدة صحيحة. ورغم ذلك اعتبر المَجْلِسِيّ مثل هذا الحديث صحيحاً!! في هذا الحديث ادُّعِيَ أن الإمام قال بشأن قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر/41] (صراطٌ: مرفوعٌ مُنَوَّنُ وعَلَيَّ: غير مُنَوَّن ومفتوح الآخر): هَذَا صِرَاطُ عَلِيٍّ مُسْتَقِيمٌ (صراطُ: مرفوعٌ غيرُ مُنَوَّنٍ وعَلِيٍّ: مجرورٌ مُنَوَّنٌ!!).
أما الحديث 24 فيدَّعي أيضاً أن الإمام قال بشأن الآية 43 من سورة الزخرف التي تقول: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف/43]: "قَالَ إِنَّكَ عَلَى وَلَايَةِ عَلِيٍّ وَعَلِيٌّ هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ"!
ولكن كما قلنا مراراً وتكراراً: سورة الحجر وسورة الزخرف من السور المكية وفي العهد المكي لم يكن موضوع الولاية والإمامة مطروحاً بأي شكل من الأشكال. إضافةً إلى ذلك فإننا نسأل الكُلَيْنِيّ والمَجْلِسِيّ: هل كان النبيُّ على صراط عَلِيٍّ أم كان عَلِيٌّ على صراط النبيِّ؟!
ثم إن واضع الحديث الجاهل نسي أن عليَّاً (ع) كان يُصلِّي في اليوم خمس مرّات على الأقل ويقرأ في صلاته سورة الحمد ويقول: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة/6]، فهل كان يقصد: اهدني إلى نفسي؟!! أو أن النبي الأكرم o كان في أوائل بعثته يقرأ هذه الآية في صلواته فهل كان يقصد: اهدني إلى عَلِيٍّ (الذي كان حينها طفلاً لم يبلغ بعد)؟!! هل فهم واضع الحديث الكلمات التي لفّقها؟ هذا بمعزل عن أنه لو كان عليَّاً هو معنى عبارة «الصراط المستقيم» فإن معنى جملة: ﴿إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف/43] سيُصبح مضحكاً لأنه سيُصبح: إنك أيها النبيُّ على عَلِيٍّ! نعوذ بالله من العصبية والحماقة.
ß الحديث 66- يتضمَّن أموراً غير صحيحة. ولا دليل لدينا بالطبع على قصر الآية على الأئمة، إذْ يجب على جميع أتباع الرسول الأكرم o أن يتَّبعوه في دعوة الناس إلى الله على بصيرة.
ß الحديث 78- يقول إن الإمام الباقر (ع) قال عن آية: ﴿عِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان/63] "قَالَ: هُمُ الْأَوْصِيَاءُ [يمشون هكذا على الأرض] مِنْ مَخَافَةِ عَدُوِّهِمْ!".
أولاً: سورة الفرقان مكية وفي ذلك الزمن لم يكن موضوع الوصية والأوصياء مطروحاً.
ثانياً: لماذا لم يُصرّح الله تعالى بكلمة «الأوصياء» بل أتى بعنوان عام هو: ﴿عِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾؟!
ثالثاً: هل كان النبيُّ يمشي في الفترة المدنية أو كان عَلِيٌّ يمشي في فترة خلافته هوناً من مخافة عدوه؟!
رابعاً: من الواضح أن واضع الحديث كان من العوام، ولم يكن يعلم أن «المَشْيَ هوناً» المذكور في الآية ليس ناشئاً عن خوف الأعداء بل هو مشية الوقار والطمأنينة - كما يقول الطَّبْرَسِي في مجمع البيان (ذيل الآية 63 من سورة الفرقان)- أي المشية البعيدة عن التكبُّر والعُجب بالنفس والخالية من التكلف والتبختر، ومثل هذا النحو من «المشي» لا علاقة له بالخوف من العدو بل إن عباد الرحمن المُطيعين لِـلَّهِ يمشون كذلك حتى في ظروف الأمن والطمأنينة.
خامساً: لو لاحظنا الآيات التي جاءت بعد هذه الآية لتبيّن لنا أن مصداق الآيات أفراد غير معصومين، فأنتم الذين تُصرّون على أن الأئمَّة كانوا معصومين لماذا تُطبِّقون هذه الآيات على الأئمة؟!
سادساً: ألم يكن أحدٌ من المسلمين غير الأئمة -واقعاً- على ذلك النحو الذي وصفته الآيات بأنهم إذا خاطبهم جاهل لم يردوا عليه إلا بكلام يُرضي الله؟!
تلك كانت أحاديث هذا الباب التي اعتبرها المَجْلِسِيّ أو الأستاذ البِهْبُودِيّ صحيحةً أو مُوثّقةً أو حسنة!([58]).
***
الآن لنبدأ بتمحيص الأحاديث التي لم يُصَحِّحْها المَجْلِسِيُّ ولا البِهْبُودِيُّ:
ß الحديث 1- يدَّعي جماعةٌ لم يتم التعريف بهوياتهم عَنْ «حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ» راوي الخرافات أن الآيات التالية نزلت بشأن ولاية أمير المؤمنين علي u: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 192 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193 عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ 194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء/192 - 195].
كما تلاحظون سورة الشعراء مكية وهذه الآيات نزلت في وصف القرآن ولا علاقة لها بالولاية لا من قريب ولا من بعيد!
ß الحديث 2- سبق أن مَحَّصْنَا هذا الحديث ونقدناه. (ص 595).
ß الحديث 3- يتكلم عن الآية 82 من سورة الأنعام التي تقول: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام/82]. فيدَّعي راويه «عبدُ الرَّحْمن بنُ كثيرٍ» الكذَّابُ أن الإمام قال: "فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ o مِنَ الْوَلَايَةِ وَلَمْ يَخْلِطُوهَا بِوَلَايَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَهُوَ الْمُلَبَّسُ بِالظُّلْمِ"؟!
وأقول: سورة الأنعام مكية، والآيات المذكورة جاءت في وسط آيات تتعلق بحضرة إبراهيم - صلوات الله عليه - الذي قال تعالى في الآية 81 مخاطباً قومه المشركين: أيُّ الفريقين من المُوحدين والمشركين أحق بالأمن من عذاب الله؟ ثم وضّح في الآية 82 المقصود من المُوحدين مُبيّناً أنهم الذين لم يخلطوا إيمانهم بظلم الشرك. وعلينا أن نسأل الكذَّابين هل كان أبو بكر وعمر قد وصلا إلى الخلافة عندما كان رسول الله o في مكَّة حتى يُنزل الله تعالى فيهما هذا الآية؟!
ß الحديث 4- تكلمنا عليه في القسم السابق.
ß الحديث 5- هو جزء من الحديث 91 في هذا الباب، والذي ادّعى أن معنى الآية 7 من سورة الإنسان أي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ هو: "أي الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَلَايَتِنَا!".
ولم يكن واضع هذا الحديث يعلم أن النذر لا يُؤخذ من أحد بل هو أمر مباحٌ ومتروكٌ لاختيار الإنسان إن شاء نذر وإن شاء لم ينذر. ثانياً: متى اطَّلع واضع الحديث على ما نذره النَّاس؟ ثالثاً: يعتبر كثير من مفسري الشيعة أن الآية المذكورة تتعلق بعَليٍّ وفاطمة والحسنين - عليهم السلام - الذين وفوا بنذرهم. فعليهم أن يُجيبوا الآن هل نعتبر الآية متعلقة بجميع الشيعة أم بحضرة عَلِيٍّ (ع) وأسرته؟!
ß الحديث 6- فحصناه وعلقنا عليه في القسم السابق من هذا البحث.
ß الحديث 7- تم التلاعب في هذا الحديث بمعنى الآية 23 من سورة الشورى فقال الرواة إن المقصود من جملة: ﴿الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾: الأئِمَّةُ! ونقول:
أولاً: جعل واضع الحديث الجاهل - دون دليل - معنى «فِي الْقُرْبَى»: «ذِيْ القُرْبَى»!
ثانياً: كما قلنا مراراً، هذه السورة مكية ولم يكن لدى حضرة أمير المؤمنين علي u في مكة عيال ولا أولاد، وَمِنْ ثَمَّ فذوو القربى الذين تعنونهم ما كانوا قد وُلدوا بعد!
ثالثاً: إن المحبة أمرُّ قلبي ولا يُمكن تحصيلها بالتوصية بها.
رابعاً: لو كانت هذه المحبة قابلة للحصول فلماذا لم يطلب النبيُّ محبته هو نفسه؟
خامساً: إن الاستثناء في هذه الآية استثناء منقطع كالاستثناء في آية: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان/57]. وقد تكلمنا على هذه الآية بالتفصيل فيما سبق فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ (ص 808 فما بعد).
ß الحديث 8- إذا أخذنا بعين الاعتبار أن «البطائني» كان لا يتورع عن الخداع والاحتيال وأنه قال في آخر الحديث: "هكذا نزلت"، ففي رأينا - كما ذكرنا في مقدمة هذا الباب- هذا الحديث من أحاديث التحريف (أي النوع ب).
ß الحديث 9- ضعيف ومرفوع. تم في هذا الحديث تركيب الجزء الأخير من الآية 53 من سورة الأحزاب مع الجزء الأخير من الآية 69 من السورة ذاتها وأضاف الراوي بين الجزأين عبارة «فِي عَلِيٍّ وَالأئِمَّةِ».
نذكر هنا كلا الآيتين ثم نُبيّن كيف جاءتا في الكافي كي يحكم القراء بأنفسهم على هذا الحديث:
1- ﴿........ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا﴾ [الأحزاب/53].
2- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب/69].
أما رواة الكُلَيْنِيّ فقد جاؤوا بالآيتين على الشكل التالي: "وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ فِي عَلِيٍّ وَالْأَئِمَّةِ كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا!!".
وقد أورد الكُلَيْنِيّ مثل هذا الحديث دون أن يُبدي أي توضيح بشأنه وذكره كسائر الأحاديث في كتابه!! وإذا أخذنا مقدمة «الكافي» بعين الاعتبار فإننا نتساءل حقاً ولا ندري لماذا أورد الكُلَيْنِيّ مثل هذا الحديث ونظائره في كتابه؟ وما فائدة ذكره مثل هذه الأحاديث واضحة البطلان لصديقه؟!
ß الحديث 10- يقول: إن رجلاً سَأَلَ الإمام "عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه/123]، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: بِالْأَئِمَّةِ وَاتَّبَعَ أَمْرَهُمْ وَلَمْ يَجُزْ طَاعَتَهُمْ".
أيها القارئ المحترم! هل من المعقول أن يقول الله تعالى لآدم وزوجته حواء: كلُّ من اتَّبَعَ الأئِمَّةَ لا يضلُّ ولا يشقى؟! ثم إن السورة مكيةٌ ولم يكن الأئمة معروفون لأحدٍ في ذلك العهد.
ß الحديث 11- ضعيفٌ ومرفوعٌ. وينسب إلى الإمام أنه قال: "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَوالِدٍ وَما وَلَدَ﴾ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا وَلَدَ مِنَ الْأَئِمَّةِ (ع)!".
وأسأل: ألم يكن واضع الحديث الجاهل يعلم أن «وَلَدَ» فعلٌ ماضٍ وأن السورةَ مكيةٌ وأن عَليّاً (ع) لم يكن قد أصبح والداً في الفترة المكية!
ß الحديث 12- جماعة من الكذابين ادّعوا أن الإمام الصادق u قال: "فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الأنفال/41]: قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَئِمَّةُ (ع)!"
هذا في حين أن الآية نزلت في غزوة بدر وفي ذلك الوقت لم يكن الأئمة قد وُلدوا بعد، وإن كان المقصود أقرباء الرسول، فإنهم لا ينحصرون باثني عشر نفراً لاسيما أن أحد عشر نفراً منهم لم يكن قد وُلد بعد!
ß الحديث 13- يقول «عَبْدُ اللهِ بْنُ سِنَانٍ» الذي عَرَفْنَا حاله فيما سبق([59]) وكان أمين الخزانة لدى خلفاء بني العباس، إن الإمام الصادق u قال: "عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾: قَالَ: هُمُ الْأَئِمَّةُ!".
ونسأل: ألا تشمل الآية الأنبياءَ وسائرَ الدعاة الإسلاميين الذي يسعون في هداية عباد الله؟!
ß الحديث 14- مَحَّصْنا هذا الحديث فيما سبق. (ص 162- 163).
ß الحديث 15- من مرويات عدة من الرواة الكذابين ولا يحتوي أي موضوع مهم.
ß الحديثان 16 و29 - يدّعي عدة من الضعفاء في الحديث 29 أن الإمام قال: "فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الفقرة/ 208] قَالَ: فِي وَلَايَتِنَا!".
وفي الحديث 16 ادَّعَوْا أن الإمام الصادق u سُئل: "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها﴾ [الأنفال/ 61] مَا السَّلْمُ؟ فقَالَ: الدُّخُولُ فِي أَمْرِنَا".
ونسأل: لقد عقد النبيُّ الأكرم o معاهدات صلح مع كثير من الأقوام لم يكونوا يعرفون الأئمة فضلاً عن أن يكونوا قد آمنوا بولايتهم؟ أفلم يعمل النبيُّ - نعوذ بالله - بهذه الآية؟! ألا لعنة الله على الذين أدخلوا أكاذيبهم في الكتب الدينية.
ß الحديث 17- نقدناه في القسم السابق.
ß الحديث 18- ادَّعى عدَّةٌ من الكذَّابين أن الإمام سُئل "عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [القصص/51]؟ قَالَ: إِمَامٌ إِلَى إِمَامٍ!".
هذا في حين أن سورة القصص مكية، و «وصَّلْنَا» فعل ماضي، والأئمة لم يكونوا موجودين في ذلك الوقت، ولو أراد الله الإشارة إلى الأئمة لاستخدم على الأقل فعلاً مضارعاً فقال: «نوصّل». ومن الواضح أن واضع الحديث الجاهل لم يكن يُميز بين الفعل الماضي والمضارع. أضف إلى ذلك أن كلمة «القول» معناها الكلام والحديث وليس معناها الإمام!
ß الحديث 19- تم التلاعب فيه بمعنى الآيتين التاليتين، وفي الواقع لقد أراقَ الرواةُ ماء وجه الكُلَيْنِيّ بهذا الحديث وفضحوه أيَّما فضيحة:
قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 136 فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ [البقرة/136-137].
نسب الراوي الأحمق إلى الإمام قوله: "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا﴾ قَالَ: إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ عَلِيّاً (ع) وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَجَرَتْ بَعْدَهُمْ فِي الْأَئِمَّةِ (ع)، ثُمَّ يَرْجِعُ الْقَوْلُ مِنَ اللهِ فِي النَّاسِ فَقَالَ ﴿فَإِنْ آمَنُوا﴾ يَعْنِي النَّاسَ ﴿بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ﴾ يَعْنِي عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَالْأَئِمَّةَ (ع) ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ﴾".
فنقول: إن سورة البقرة نزلت في أوائل الفترة المدنية - وحتى قبل سورة الأنفال - ولم يكن حضرات الحسنين - عليهما السلام - قد وُلدا في ذلك الوقت، فكيف خاطبهما الله وترك سائر المسلمين البالغين ومن جملتهم حضرة حمزة سيد الشهداء وعمار بن ياسر و .... ؟! هل ثمة بين الله وبين أحد قرابة والعياذ بالله؟!
ß الحديث 20- يُشير إلى الآية: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران/68]، فيقول الراوي: إن المراد: "الأئِمَّةُ وأتباعُهُم". هذا في حين أن «آمَنُوا» فعل ماضٍ وفي زمن نزول الآية لم يكن حضرةُ عَلِيٍّ قد نال الإمامة بعد، كما أن الأئِمَّةَ الآخرين وأتباعَهم لم يكن لهم وجود بعد. ثانياً: بأي دليل تحصرون معنى الآية بعدد خاص من الأفراد وتقصرونها عليهم؟!
ß الحديثان 21 و61 - هما حديث واحد كرره الكُلَيْنِيّ مرتين في باب واحد. لعله أراد أن يوهم أن عدد أحاديث هذا الباب أكثر مما هي عليه حقيقةً! وعلى كل حال ينسب الراوي إلى الإمام قوله: "قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام/ 19] قَالَ: مَنْ بَلَغَ أَنْ يَكُونَ إِمَاماً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ يُنْذِرُ بِالْقُرْآنِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ o".
هذه السورة مكية ولم يكن موضوع الإمامة مطروحاً في ذلك الحين، ولم يكن هناك إمام معروف لدى الناس في ذلك الوقت، ولم يكن أحد من المخاطبين بالآية قادراً على فَهْم مثل ذلك المعنى - الذي جاء في الحديث - منها.
أليست هذه التأويلات الباردة تلاعب بالقرآن؟!
ß الحديثان 22 و 23 - تلاعب «عليُّ بْنُ الحَكَم» فاسدُ العقيدة وراوي الحديث 569 من روضة الكافي([60])، و«عبدُ اللهِ بْنُ سِناَنٍ» الذي لا يُعتمد على أحاديثه والذي روى حديثاً في تحريف القرآن([61])، بالآية التالية: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه/115]. فنسبا إلى الإمام قوله فيها: "قَالَ عَهِدْنَا إِلَيْهِ فِي مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ فَتَرَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ أَنَّهُمْ هَكَذَا!!".
إن العارفين بالقرآن الكريم يعلمون أن القرآن ذاته أوضح مضمون «نسيان آدم (ع) وفقدانه العزم»، ولم يُبقِ مجالاً لتوضيحات أشخاص من أمثال «ابن الحَكَم» و«ابن سِنَان».
قال تعالى بشأن آدم وزوجته: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة/35، الأعراف/19]، وذكر في الآية 116 من سورة طه أن إبليس عدوٌّ للإنسان، وقال في الآية 117: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾، لكن آدم نسي هذا العهد والأمر الإلهي وخدعه الشيطان، من هنا نعلم لماذا قال تعالى عنه في الآية 115: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾. فإذن، لا علاقة للآية المذكورة بمحمد وآل محمد وبالمهدي، خاصةً أن سورة طه مكية.
وقد قال الأستاذ «معروف الحسني» معلِّقاً على هذين الحديثين:
"وقد جاء في سند هذه الرواية «المفضَّل بن صالح» واتَّفق المؤلِّفون في أحوال الرواة أنه كان كذَّاباً يضع الأحاديث، ولم يَرِدْ عن أحدٍ منهم ما يُشْعِرُ بجواز الاعتماد على مروياته، كما ورد في سندها «محمد بن سلمان»، وسواء كان ابن عبد الله الديلمي أو ابن زكريا الديلمي فهما من المُتَّهمين بالكذِب، لا يُعَوَّل على مروِيَّاتِهِما، على حدِّ تعبير المؤلِّفين في الرِّجال."([62]).
ß الحديث 24 - تكلَّمنا عليه في القسم السابق لمشابهته للحديث 63.
ß الحديثان 25 و 26 - تكلَّمنا عليهما فيما سبق. (ص 540).
ß الحديث 27 - قام «مُنَخَّلٌ» بتركيب بداية الآية 47 من سورة النساء مع الجزء الأخير من الآية 74 من السورة ذاتها وأضاف بين الجملتين عبارة «في عليٍّ»! وسنذكر هنا الآيتين ونترك الحكم على الحديث للقراء:
1 - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا﴾ [النساء/47].
2- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾[النساء/174].
روى «مُنَخَّلٌ» الكذّاب آيةً بالصورة التالية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا فِي عَلِيٍّ نُورًا مُبِينًا)!!
وأما بالنسبة إلى الأحاديث 25 و 26 و 27 ونظائرها فراجعوا كلام الشيخ «عبد الجليل القزويني» الذي أوردناه في هذا القسم. (ص 765- 768).
ß الحديثان 28 و 60 - راويهما «أبو طالب» وهو شخص مشترك بين الضعيف والثقة، و «يونس بن بكَّار» مهمل. ذكر الكُلَيْنِيّ هذا الحديث مرَّةً برقم 28 ثم كرَّره مرَّةً أخرى برقم 60. وكما قلنا يبدو أن الكُلَيْنِيّ كان يريد أن يكثّر من عدد أحاديث هذا الباب.
ß الحديث 29 - تكلَّمنا عليه في هذا القسم مع الحديث 16.
ß الحديث 30 - ادّعى عددٌ من الكذّابين أن الإمام الصادق u قال بشأن الآيات الأربعة الأخيرة من سورة «الأعلى» المكية ما يلي:
"قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا﴾، قَالَ: وَلَايَتَهُمْ ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾، قَالَ: وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) ﴿إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى﴾".
ونسأل ما الذي كان يعنيه -حقيقةً- أن يُذكر لأتباع حضرة إبراهيم وحضرة موسى - عَلَيْهِما السَّلام - أن الناس سيؤثرون ولاية غير عليٍّ عَلَى ولاية عليٍّ بعد رحيل خاتم النبيين؟!
ß الحديث 31 - يشبه الحديث الذي رواه الشيخ عبد الجليل القزويني. راجعوا الاقتباس الذي أوردناه من كلامه بشأن أمثال هذه الأحاديث (ص 765- 768).
ß الحديث 32 - في سنده «عبد الله بن إدريس» الذي لم يوثّقه الشيخ الطوسي وهو مجهول الحال. راجعوا بشأن هذا الحديث ما ذكرناه في الصفحة 758.
ß الحديث 33 - يقول واضعه الجاهل بشأن الآية 43 من سورة الأعراف: "عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ ﴿الْحَمْدُ لِـلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُعِيَ بِالنَّبِيِّ J وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَبِالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ (ع) فَيُنْصَبُونَ لِلنَّاسِ فَإِذَا رَأَتْهُمْ شِيعَتُهُمْ قَالُوا الْحَمْدُ لِـلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ يَعْنِي هَدَانَا اللهُ فِي وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ (ع)!".
ونقول: أولاً: سورة الأعراف مكية ولم يكن الأئمَّةُ موجودين في ذلك الوقت.
ثانياً: تقول الآية «لِهذا» في حين أنه لو كانت الولاية هي المقصودة لوجب أن تقول الآية «لِهذه»، ولو أُريد الأئِمَّةُ أنفسهم لقالت الآية «لِهؤلاء»! إن هذا يبيّن أن واضع الحديث كذّاب جاهل شبه أُمِّيٍّ.
ß الحديثان 34 و 52 - كرَّر الكُلَيْنِيُّ الحديث رقم 34، مرَّةً أخرى برقم 52! وكالعادة ادّعى أن المقصود من كلمة «الوَلاية» في الآية 44 من سورة الكهف: ولاية أمير المؤمنين (ع)! هذا في حين أن سورة الكهف كانت مكية ولم يكن عليٌّ في ذلك الوقت إماماً. ثانياً: الآية تقول: ﴿الْوَلَايَةُ لِـلَّهِ الْحَقِّ﴾ [الكهف/44]، لكن الكذّابين يقولون: الولاية لأمير المؤمنين (ع)!
ß الحديث 35 - في سنده «صَالِحُ بْنُ السِّنْدِيِّ» راوي الحديث رقم 568 من روضة الكافي. وقد تلاعب الراوي هنا بمعنى الآية 30 من سورة الروم! وادّعاؤه بشأنها يطابق في الواقع كلام المسيحيين الذين يقولون: إن الدين معناه حب عيسى المسيح فحسب!
ß الحديث 36 - يدّعي أن المراد من عبارة ﴿الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ﴾ في الآية 47 من سورة الأنبياء: الأنبياء والأوصياء، وهذا القول مخالف للقرآن لأن القرآن أكّد أن الجميع بمن فيهم الأنبياء سوف يُسْأَلون وَيُحاسَبون (الأعراف/6)، فالأنبياء - صلوات الله عليهم - ليسوا أنفسهم موازين القسط بل ستوزن أعمالهم هم أنفسهم بالموازين القسط.
ß الحديث 37 - ادّعى عدّةٌ من الكذَّابين أن آية: ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ [يونس/15] معناها: «بدِّل عليَّاً».
وسنذكر هنا الآية كي يتَّضح كذب المدَّعين:
قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ.....﴾ [يونس/15].
فكما تلاحظون يعود ضمير «الهاء» في كلمة «بدّله» على القرآن، ولا يعود على شخص معيّن؛ وَمِنْ ثَمَّ فلا علاقة له بحضرة عليٍّ (ع). أضف إلى ذلك، أن الجملة المذكورة من قول الكفّار الذين لم يكونوا يؤمنون بالمعاد وليست قولاً لمخالفي ولاية عليٍّ، لأن سورة يونس مكية ولم يكن موضوع نصب عليٍّ (ع) أو عدم نصبه مطروحاً أصلاً في ذلك الوقت.
ß الحديث 38 - إني لأتعجب من الشيوخ - ومن جملتهم المجلسي - الذين يدّعون العلم والفقه ورغم ذلك لا يردّون هذا الحديث ولا يلومون الكُلَيْنِيّ على تدوين مثل هذا الحديث واضح البطلان في كتابه الكافي، بل اعتبر المَجْلِسِيّ هذا القول المضحك تفسيراً وجيهاً وقوياً!!
إن كل طالب علوم شرعية يعلم أن الألفاظ مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج التي لها معانٍ شرعية ومروية بمعناها الثانوي، لا بد أن تُحْمَل على المعنى الشرعي إلا إذا وُجِدَت قرنية أو دليل يمنع من ذلك. فكيف يمكننا أن لا نحمل الآية 34 من سورة المدّثّر المكية على المعنى الشرعي؟! يُضافُ إلى ذلك أن المعنى الذي ذكره الرواة لكلمة «مُصَلِّي»، لا يوافق حتى المعنى اللغوي للكلمة بل هو مصطلح خاص بحلبة سباق الخيل فإذا استُخْدِم في مسائل لا علاقة لها بسباق الخيل لا يمكننا أن نحمل معناها على هذا الأمر. ولكن واأسفاه! يبدو أن الكُلَيْنِيّ لا يفهم هذه الأمور الواضحة! وبالمناسبة: أحد رواة هذا الحديث «الحسن القمي» اعتبره الفضل بن شاذان كذَّاباً واعتبره الشيخ الطوسي غالياً.
ß الحديثان 39 و 40 - هما تكرار لأحاديث الباب 88 التي نقدناها ومحّصناها هنالك.
ß الحديث 41 - يدّعي أن المراد من كلمة «واحدة» في الآية 46 من سورة سبأ: ولاية عليٍّ (ع). في حين أن سورة سبأ مكيّة، وفي ذلك العهد لم يكن موضوع الولاية مطروحاً أصلاً. ولو كان مُراد الآية ولاية عليٍّ (ع) فعلاً، لكانت الآية تأتي قطعاً بألفاظ أكثر وضوحاً وأصرح بياناً.
ß الحديث 42 - عددٌ من الكذّابين رووا أن كذّاباً سأل الإمام سؤالاً قرأ ضمنه آية من القرآن على نحو خاطئ، فأجاب الإمام عن سؤاله دون أن يعلّق على خطئه في قراءة الآية! في حين أنه لو تُلِيَت أمام الإمام آية بشكل مغلوط لقام الإمام قطعاً بتنبيه السائل إلى خطئه ولصحّحه له.
وعلى كل حال سنذكر فيما يلي الآيتين اللتين خلط الراوي إحداهما بالأخرى:
1 - ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾ [النساء/137].
2 - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾ [آل عمران/90].
أما لراوي فنسب إلى الإمام أنه تلى آيةً على هذا النحو: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ)!!
نعم، لقد نقل الكُلَيْنِيّ أيضاً هذا الحديث بهذه الصورة المغلوطة للآيات دون أن ينتبه إلى ما فيه من خطأ في نقل القرآن. ثم قال إن تلك الآية [التي لا وجود لها في القرآن بتلك الصورة] "نَزَلَتْ فِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ آمَنُوا بِالنَّبِيِّ J فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَكَفَرُوا حَيْثُ عُرِضَتْ عَلَيْهِمُ الْوَلَايَةُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ J مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ. ثُمَّ آمَنُوا بِالْبَيْعَةِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) ثُمَّ كَفَرُوا حَيْثُ مَضَى رَسُولُ اللهِ J فَلَمْ يَقِرُّوا بِالْبَيْعَةِ. ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً بِأَخْذِهِمْ مَنْ بَايَعَهُ بِالْبَيْعَةِ لَهُمْ. فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ!!".
ونقول: لماذا إذاً بايع حضرة عليٍّ (ع) أفراداً لا إيمان لهم؟ ولماذا قبل الثاني منهم صهراً له؟ ولماذا أرسل ابنيه العزيزين إلى بيت الثالث [عندما حوصر من الثوار] للدفاع عنه؟!
ß الحديثان 43 و 44 - يقول عددٌّ من الكذَّابين - وهم أنفسهم الذين رووا الحديث السابق - إن الإمام الصادق u قال بشأن الآيتين 25 و 26 من سورة محمد J: "﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِيمَانِ فِي تَرْكِ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع)".
"﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ﴾ فِي عَلِيٍّ (ع) ﴿سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ﴾ قَالَ: دَعَوْا بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى مِيثَاقِهِمْ أَلَّا يُصَيِّرُوا الْأَمْرَ فِينَا بَعْدَ النَّبِيِّ J وَلَا يُعْطُونَا مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً وَقَالُوا إِنْ أَعْطَيْنَاهُمْ إِيَّاهُ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى شَيْءٍ وَلَمْ يُبَالُوا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِيهِمْ فَقَالُوا سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ الَّذِي دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ وَهُوَ الْخُمُسُ أَلَّا نُعْطِيَهُمْ مِنْهُ شَيْئاً وَقَوْلُهُ ﴿كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ﴾ وَالَّذِي نَزَّلَ اللهُ مَا افْتَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) وَكَانَ مَعَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَكَانَ كَاتِبَهُمْ فَأَنْزَلَ اللهُ ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ..... الْآيَةَ﴾ [الزخرف/79 - 80]".
وأقول: لم يفهم واضع الحديث الجاهل أن سورة الزخرف مكية ونزلت قبل سورة الأنفال وأنه لم يكن الخمس قد شُرِع في ذلك الزمن حتى يتواطأ الصحابة على عدم دفع الخمس!!
والحديث 44 أيضاً باطل كالحديثين اللذَين قبله، وفي رأينا إن من يحبًّ علياً (ع) حقيقةً لا يمكنه أن يفتري مثل هذه الأباطيل.
ولا يخفى أن الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» حكم ببطلان الحديثين 42 و 43 من الباب الحالي وقال:
"وأعود لأكرِّرَ بأنّي لا أريد من ذلك أن أقدّس الحكّام والصحابة ولا أن أبرّئ أحداً من تلك الأحداث القاسية التي لطّخهم بها التاريخ ولم يترك منفذاً لبراءتهم منها، ولا أريد أن أقول إن الأئمَّة (ع) قد هادنوا الظلم والظالمين والمتمرّدين على أوامر الله ونواهيه، وكانوا يترحّمون على الماضين ويباركون تصرّفاتهم وأعمالهم، لا أريد شيئاً من ذلك، ولكن الذي أريده أنهم قد حاربوا الظالمين والطغاة المتجبّرين والمنحرفين عن الخط الإسلامي بسلوكهم وسيرتهم وتعاليمهم التي كانت تعكس وجه الإسلام الصحيح، وفي الوقت ذاته تفضح مخطّطات الطغاة من حكّام تلك العصور الذين تستّروا بالإسلام والدّين وحملوا قلوب الأبالسة والشياطين، أما التشفّي بالسبّ والشتم الذي يلجأ إليه الحمقى من الناس أحياناً فليس من شأنهم ولا من أخلاقهم، ولم يرضَ عليٌّ (ع) لشيعته ومحبيه أن يستعملوه مع معاوية الذي أسرَّ الشركَ وأظهر الإسلامَ، فكيف يرضاه الإمام الصادق لمن هم أطهر من معاوية وأمثاله بعشرات المرات؟!"([63]).
ß الحديث 45 - ربط رواته -كالعادة- سورةً مكيةً بولاية عَليٍّ (ع)، وبطلانه واضح تماماً! وقد تلاعب هذا الحديث بالآية 27 من سورة فُصِّلَتْ.
ß الحديث 46 - ربط سورة غافر المكية بمسألة «الولاية» ونقل الآية القرآنية بصورة خاطئة.
ß الحديث 47 - حول هذا الحديث راجعوا الصفحة 747من الكتاب الحالي.
ß الأحاديث 48 و49 و50 و88 - عدَّة من الكذَّابين اعتبروا الآيتين 8 و 9 من سورة الذاريات، والآية 2 من سورة يونس، والآية 11 إلى 13 من سورة البلد، وهي جميعها سورٌ مكّيّةٌ، متعلّقة بمسألة «الولاية»!! وقالوا في الحديثين 49 و88 إن عبور العقبة معناه قبول ولايتنا، وأن معنى ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ [البلد/13] أن "النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ غَيْرَ الشيعة فَإِنَّ اللهَ فَكَّ رِقَابَهُمْ مِنَ النَّارِ بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ!!"
أولاً: سورة البلد مكية وفي تلك الفترة لم تكن قضية الولاية والإمامة مطروحة أصلاً.
ثانياً: بعد أن سَأَلَتْ الآيةُ القرآنيةُ عن ماهية العقبة ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ [البلد/ 12] أجاب القرآن نفسُهُ فوراً عن ذلك فبيّن مقداراً من مصاديق عبور العقبة. فالآية 13 من سورة البلد هي في الواقع الجواب عن الآية التي قبلها. ولو كان قبول ولاية الأئمة من المصاديق المهمة للنجاة من النار وعبور العقبة لقدَّم القرآنُ ذكرها، قطعاً، على جميع الأمور الأخرى، في حين أنه لم يأتِ على ولاية الأئمَّة في القرآن بذكر أصلاً. (فتأمل).
ß الحديث 51 - اعتبر الآيةَ 19 من سورة الحج مرتبطةً بولاية عَلِيٍّ (ع) دون أي ملاحظة لسياق الكلام وللآيات التي جاءت قبل تلك الآية وبعدها!
ß الحديث 52 - هو تكرار للحديث 34 الذي تكلمنا عليه ونقدناه في هذا القسم.
ß الحديث 53 - عدة من الكذابين ينسبون إلى الإمام الصادق u قوله: "فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً﴾ قَالَ: صَبَغَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْوَلَايَةِ فِي الْمِيثَاقِ!".
هذا في حين أنه: أولاً: هذه الآية في سورة البقرة التي نزلت قبل سورة الأنفال وقبل غزوة بدر ولم تكن مسألة الولاية والإمامة مطروحة في ذلك الوقت بأي شكل من الأشكال.
ثانياً: جاءت الآية 138 من سورة البقرة في وسط آيات تُخاطب أصحاب النبيّ: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 136 فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا.......﴾ [البقرة/136-137].
كما تلاحظون ليس في الآية أي إشارة إلى مسألة الولاية، وليس هذا فحسب بل اعتبرت الآية إيمان أصحاب النبي قبل غزوة بدر سبباً في هداية الآخرين وأُسوةً لهم في الهداية. ثم أوصى تعالى في الآية 138- التي تم الاستشهاد بها وربطها بالولاية في الحديث - باتباع هذا الإيمان الذي هو صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون.
ولم يكن أصحاب النبي في ذلك الزمن يعلمون شيئاً عن الولاية والإمامة والوصاية. والقرآن كذلك ذَكَرَ الأمورَ التي يجب الإيمان بها ولم يأتِ على الولاية بأي ذكر.
ß الحديث 54 - استند إلى آية التطهير. وقد تحدَّثْنا سابقاً عن الآية المذكورة (ص 617من الكتاب الحالي) فلا نعيد الكلام هنا.
ß الحديث 55 - أحد رواته «عمر بن عبد العزيز» الذي عرّفنا به سابقاً (ص 584)، وليس لأحاديثه وضع جيد كما لاحظنا ذلك في الحديث السادس من الباب 106 من الكافي.
ß الحديث 56 - نقل «زَيْدٌ الشحَّام» الذي عرَّفنا به سابقاً (ص385 فما بعد) الآيةَ 40 من سورة الدخان المكية بصورة خاطئة فقال: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ. يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ...)([64])، ثمَّ ادَّعى أن الإمام قال: "نَحْنُ وَاللهِ الَّذِي رَحِمَ اللهُ وَنَحْنُ وَاللهِ الَّذِي اسْتَثْنَى اللهُ، لَكِنَّا نُغْنِي عَنْهُمْ!!"
وهذا القول مخالف للقرآن الذي بيّن لنا أنه لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً يوم القيامة وأنه ما من وليٍّ ولا صديق حميم يُطَاع في ذل اليوم ولا يُغني عن وليه شيئاً. ولا شك أن الإمام لا يقول شيئاً مخالفاً للقرآن.
ß الحديث 57 - رغم أن الآية تدل الانحصار إلا أن الحديث ذكر أحد مصاديقها البارزة. وفي الواقع ليس في متن الحديث ما يُعترض عليه بل ما قاله صحيح إلا أن سند الحديث ضعيف.
ß الحديث 58 - عددٌ من الضعفاء نقلوا الآية 59 من سورة البقرة التي ابتدأت بحرف الفاء، أي أنها معطوفةٌ على الآية التي قبلها واستمرارٌ لها، وأضافوا لها بعض الكلمات! ولكي يتضح كذبهم راجعوا الآية 58 من سورة البقرة. وإني لأتعجب حقاً من شخص عاقل يروي مثل هذا الحديث! عندما أقرأ أحاديث هذا الباب ينتابني الشك في سلامة عقل الكُلَيْنِيّ!
ß الحديث 59 - نقل الآيات من 168 حتى 170 من سورة النساء بصورة خاطئة([65]). وحذف كلمات «كفروا و» من بداية الآية 168 وأضاف كلمات «ما في» إلى آخر الآية 170! ولو كان للكُلَيْنِيّ معرفة بالقرآن وَصِلَةٌ جَيِّدَةٌ به، لما ذكر هذا الحديث في «الكافي».
ß الحديثان 60 و 61 - الحديث 60 نقدناه مع الحديث 28 في هذا القسم، والحديث 61 نقدناه مع الحديث 21 في هذا القسم.
ß الحديث 62 - حديث ضعيف ومرسل وراويه «الحسين بن ميَّاح». راجعوا ما ذكرناه بشأنه في حاشية الصفحة 969 من الكتاب الحالي.
ß الحديث 63 - درسناه في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 64 - اعتبر الآية 29 من سورة الكهف والآية 50 من سورة الفرقان -وهما سورتان مكيتان- مرتبطتان بولاية عَلِيٍّ. راجعوا ما ذكره الشيخ «عبد الجليل القزويني» بشأن أمثال هذه الآيات، [والذي اقتبسناه من كتابه «النقض»] في هذا الباب. (ص 975 - 978).
ß الأحاديث 65 و66 و67 - درسناها في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 68 - يتكلَّم عن الآية 27 من سورة الملك - المكية - ومعلوم أنه لم يكن هناك في مكة أي خبر عن أمر الولاية وإمامة عَلِيٍّ بعد، ولم يكن أَحَدٌ قد غصب ولاية عَلِيٍّ بعد وسمَّى نفسَه أمير المؤمنين كي تنزل آية حول هذا الموضوع.
ß الحديثان 69 و70 - قول عدة من الكذابين لا أكثر.
ß الحديث 71 - عدة من الكذابين يقولون: إن المقصود من الكفر والفسوق والعصيان في الآية 7 من سورة الحجرات هم الأول والثاني والثالث! فنسأل: لماذا إذن بايعهم عَلِيٌّ (ع) وقَبِلَ أن يصبح أحدُهُم صهراً له؟
ß الحديث 72 - درسناه في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 73 - ضعيف ومرسل. ونقول لهؤلاء الكذابين إن كنتم صادقين في زعمكم إن النبي والأئمة كانوا يعلمون من قبل بأن الخلافة ستُغتصب، فلماذا أقسم عَلِيٌّ قائلاً: "فواللهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رَوْعِي ولا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الأمْرَ مِنْ بَعْدِهِ (صلى الله عليه وآله) عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ". (نهج البلاغة، الرسالة 62). هل نقبل كلام عَلِيٍّ (ع) أم ادّعاء أفراد كذَّابين مثلكم.
ß الحديثان 74 و 75 - درسناهما في القسم السابق في هذا الباب.
ß الحديث 76 - سنده في غاية الضعف. يروي عليُّ بن إبراهيم المعتقد بتحريف القرآن عن أبيه عن «الحكم بن بهلول» المهمل عن شخص مجهول كلاماً فيه تلاعب بمعنى آيةٍ من سورة الزمر. وفيما يلي نأتي بعدة آيات من سورة الزمر ومن جملتها الآية المذكورة: ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ 62 لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 63 قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ 64 وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 65 بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الزمر/62 - 66].
أولاً: سورة الزمر مكية، وكما قلنا مراراً وتكراراً لم تكن مسألة الولاية والإمامة مطروحة أصلاً في العهد المكي.
ثانياً: كما تلاحظون، يتعلق الكلام الذي جاء في الآيات بالتوحيد فقط لاسيما توحيد العبادة، وفي الآية 66 تمَّ تقديم لفظ الجلالة «الله» التي هي في موقع المفعول به، على فعل «أَعْبُدُ» لإفادة معنى الحصر، كي يفهم المخَاطَب أنه لا يجوز عبادة أحد إلا الله وحده لا غير. وليس في الآية أي كلام عن أمر سوى الله.
ثالثاً: في الآية 65 قال تعالى: لقد أوحينا إلى الذين من قبلك. فنسأل: هل نَصَّب الأنبياءُ السابقونَ أيضاً أولادَ عمِّهم في منصب الخلافة، حتى يقول اللهُ تعالى لهم: لا تُشْركوا أحداً مع أولادِ عمِّكم في الولاية؟! هل كان هؤلاء الرواة معتقدين حقيقةً بالقرآن؟!
ß الحديث 77 - تمَّ الاستناد في هذا الحديث إلى الآية 55 من سورة المائدة. راجعوا بشأن هذه الآية ما جاء في كتاب «شاهراه اتحاد»، صفحة 145 فما بعد. كما تم الاستناد في هذا الحديث إلى الآية 83 من سورة النحل. ونعيد ونكرر أنه لم يكن هناك في العهد المكي أحدٌ مُنكراً لولاية عَلِيٍّ (ع) حتى تنزل آيةٌ في هذا الشأن!! والعجيب أن واضع الحديث الجاهل لم يفهم أن سورة المائدة مدنية ونزلت بعد مدةٍ من نزول سورة النحل المكية، في حين أن هذا الحديث يقول: إن الآية 83 من سورة النحل نزلت بعد الآية 55 من سورة المائدة!
ß الحديث 78 - درسناه في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 79 - يتضمن تأويلات باردة، لذلك قال الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» عن هذا الحديث:
"ولعل هذا التأويل من أسوأ أنواع التصرف بالكلام والتلاعب بالألفاظ، والراوي له عن الأصبغ هو «سعد الإسكاف»([66])، وبينه وبين الأصبغ [بن نباتة، من أصحاب حضرة الأمير]، أكثر من تسعين عاماً([67])، هذا بالإضافة إلى أنه [أي سعد] من المتَّهمين بالكذب والانحراف، وبقية الرواة لهذا الحديث كلهم من المجهولين ولم أعثر على أحد منهم في كتب الرجال"([68]).
وقال المَجْلِسِيّ أيضاً بشأن مفاد هذا الحديث: "والتأويل الوارد في الخبر من أغرب التأويلات، وعلى تقدير صدوره عنهم، فهو من البطون العميقة البعيدة عن ظاهر اللفظ، وعلمه عند من صدر عنه"([69]).
ß الحديث 80 - درسناه في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 81 - درسناه ونقدناه فيما سبق (ص 282- 283).
ß الحديث 82 - يقول إن الآية 81 من سورة البقرة نزلت بشأن الأشخاص الذين أنكروا إمامة أمير المؤمنين عَلِيٍّ u! هذا في حين أن سورة البقرة كانت أول السور المدنية نزولاً ونزلت قبل غزوة بدر ولم يكن هناك في تلك الفترة أيُّ خبر أو حديث عن عَلِيٍّ (ع) حتى يُنكره أحد. أضف إلى ذلك أنه لو كان المقصود من الآية إمامةَ عَلِيٍّ (ع) فلماذا لم يذكرها اللهُ صراحةً في القرآن؟ هل أخذ الله - نعوذ بالله - بالتقية؟!!!!
ß الحديث 83 - درسناه في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 84 - هو كلام لعدد من الكذّابين ولا يحتوي أي أمر مهم.
ß الحديث 85 - عدة من الكذّابين والخادعين للعوام يقولون: إن الإمام قال بشأن الآية 10 من سورة فاطر: "﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾: وَلَايَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ؛ فَمَنْ لَمْ يَتَوَلَّنَا لَمْ يَرْفَعِ اللهُ لَهُ عَمَلًا!!".
ولم ينتبه واضع هذا الحديث إلى أن سورة فاطر مكية وأن مسألة الولاية لم تكن مطروحةً أصلاً في ذلك العهد. ثم إن كانت ولاية الأئمة شرطاً لقبول الأعمال الصالحة فلماذا أعرض الله - الذي ذكر كَلْبَ أصحاب الكهف - عن ذكرها في كتابه ولم يُعرّف لنا الأئمّة في القرآن بشكل واضح وصريح ولم يُعلن لنا هذا الموضوع المهم بأن الإيمان بهم وبولايتهم شرطٌ لقبول أعمال العباد؟ بل ترك بيان ذلك على عاتق عدَّة من الكذابين!!
ß الحديث 86 - عدة من الكذابين الغلاة قالوا: إن المقصود من قوله تعالى: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد/28]: حضرات الحسنين والمقصود من: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ [الحديد/28]: يجعل لكم إماماً تتبعونه!
أولاً: قال المفسرون إن المقصود من «النور» نور الهداية الذي يؤدي إلى سعادة الدنيا والعقبى.
ثانياً: إن أفعال «يُؤْتِكُمْ»، «وَيَجْعَلْ» و «يَغْفِرْ» كلها جواب طلب ومجزومة، أي أن الآية تقول في الواقع: اتقوا الله وآمنوا برسوله فإن فعلتم ذلك غفر الله ذنوبكم وهداكم وآتاكم من رحمته وفضله. وهذا المعنى قابل للتحقُّق في جميع الأزمنة ولجميع المخاطَبين بالقرآن، أما لو كان المقصود من «النور» هو «الإمام» كما يقول الغلاة، فعندئذ لم تتحقق هذه الآية في زمن الغيبة إذ إننا نعيش منذ ألف سنة بلا إمام نتبعه! فلذلك سوف تُحصر الآية بزمن حضور الأئمة فقط!!
ß الحديث 87 - يقول «علي بن إبراهيم» الأحمق عن «الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ» الذي عرّفنا به سابقاً (ص 407) إن عدة من المجاهيل قالوا: إن آية: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ﴾ [يونس/53]: معناها أنهم يسألون النبيّ: أَحَقٌّ ما تقوله عن عَلِيٍّ؟ هذا والحال أن سورة يونس مكية وفي تلك الفترة كان عَلِيٌّ (ع) لا يزال صبياً لم يبلغ بعد أو شاباً يافعاً، ولم يكن النبيُّ J قد قال شيئاً لأهل مكة بشأن عَلِيٍّ، ولم يُناقش مسألة الولاية والإمامة معهم، كي يسأله مشركو مكة أحقٌّ ما ذكرته عن عَلِيٍّ أم لا؟ بل كانت مخالفتهم للنبيّ وجدالهم معه حول مسألة التوحيد والمعاد. ثم إن الراوي الواضع للحديث والجاهل لم يفهم أن ضمير «هو» موجود في الآية، ولم يُذكر اسم عَلِيٍّ في الآيات السابقة حتى نعتبره مرجعاً لهذا الضمير، بل مرجع الضمير كما هو واضح في الآيات السابقة هو «العذاب الإلهي»! نعوذ بالله من الجهالة.
ß الحديثان 88 و 89- درسنا الحديث 88 مع الحديث 48 في هذا القسم، ودرسنا الحديث 89 في القسم السابق من هذا الباب.
ß الحديث 90 - لم يُصحِّح المَجْلِسِيّ ولا البهبودي هذا الحديث وصرّح المَجْلِسِيّ بضعفه. ولم يقبل به أيضاً الأستاذ الشيخ «معروف الحسني» وقال عن رواة هذا الحديث:
"والرواة الأربعة لهذه الرواية لا يجوز الاعتماد على مروياتهم ما لم تقترن ببعض الشواهد والقرائن، وقد تحدثنا أكثر من مرة عن سلمة بن الخطاب ونقلنا آراء المؤلفين في الرجال فيه [أي بيّنا أنه كذاب وضعيف باتفاق علماء الرجال].
وأما الحسن بن عبد الرحمن فقد ورد هذا الاسم في منهج المقال مرتين، الأولى الحسن بن عبد الرحمن الأنصاري الكوفي، والثانية الحسن بن عبد الرحمن الكوفي، ولم يتعرض لهما بقدح أو مدح. [فهو لم يُوثق]
وأما علي بن أبي حمزة [البطائني] فقد كان القائد لأبي بصير بن القاسم الراوي للحديث عن الإمام (ع) وجاء عنه أنه كان واقفيّاً كذّاباً متّهماً ملعوناً على حدِّ تعبيرهم، ولقد قال علي بن الحسن بن فضال: لقد كتبتُ عنه تفسير القرآن من أوله إلى آخره ولكني لا أستحل أن أروي عنه حديثاً واحداً.
ويدَّعي المؤلفون في الرجال أنه هو وجماعة، منهم زياد بن مروان القندي وعثمان بن عيسى الرُّؤَاسيّ كانوا من وكلاء الإمام موسى بن جعفر (ع) وكان له أموال كثيرة عندهم فوقفوا على إمامته وامتنعوا عن تسليم الأموال لخليفته الإمام الرضا (ع) والظاهر أن أبا بصير الذي روى عنه علي ابن أبي حمزة هو يحيى بن القاسم لأنه كان قائده على حد تعبير الشيخ محمد طه في الإتقان وكان متهماً في حديثه ومخلطاً كما نص على ذلك المؤلفون في الرجال"([70]).
ß الحديث 91 - درسناه في القسم السابق من هذا الباب ودرسنا جزءاً منه في الحديث 5 من هذا القسم أيضاً.
ß الحديث 92 - سنده هو سند الحديث 90 ذاته. مع فارق أن الراوي الثالث هنا هو «الحسين» بدلاً من «الحسن»، ولو اعتبرنا «الحسين» تصحيفاً للحسن فلن يكون سند هذا الحديث مختلفاً عن سند الحديث 90. ولو اعتبرناه «الحسين» فعلاً فهو شخص مهمل. وقد ردّ الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» هذا الحديث أيضاً ولم يقبله([71]). وقد تحدثنا من قبل في الباب 86 عن هذا الحديث.
أيها القارئ المحترم بعد قراءتك لأحاديث الباب 165 من الكافي هل يُمكنك أن تقول: إن الكُلَيْنِيّ كان يؤمن حقيقةً وواقعاً بآية: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر/9]؟
([1]) حول موضوع صيانة القرآن الكريم من التحريف راجعوا مقدمة تفسير «تابشى از قرآن» [شعاعٌ من القرآن] تأليف كاتب هذه السطور (الفصل الأول حتى الفصل الحادي عشر) خاصةً الفصل الثامن عشر (أي فصل القائلون بالتحريف تلاعبوا بكتاب الله) الذي يتعلق بالأحاديث الموهمة لتحريف القرآن. وراجعوا أيضاً كتاب «راهى به سوى وحدت اسلامي» [طريق نحو الوحدة الإسلامية] تأليف «مصطفى الحسيني الطباطبائي»، ط 1، ص 95 فما بعد.
([3]) المجلسي، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج12، ص 525-526. وكما تُلاحظون فإن مروّج الخرافات وحارس البدع المجلسي قَلِقٌ على فقدان الثقة بالأحاديث والأخبار أكثر من قَلَقِهِ على فقدان الثقة بالقرآن الكريم!
([4]) نظراً لما أمرّ به في هذه الأيام من حالة صحية مزرية وظروف صعبة وبسبب عدم تمكني من الوصول إلى المكتبة، لم يتيسَّر لي القيام بتحقيق دقيق ومبسوط أكثر في هذه المسألة، وقد نقلت معظم مطالب هذا الموضوع من ذاكرتي ومن دفتر تدوين الملاحظات لديّ ومن بعض الكتب التي بقيت عندي. فأرجو من الطلاب الشباب الطالبين للحق أن يبذلوا مزيداً من التحقيق والبحث في هذه المسألة وأن يُعرّفوا الناس بالعلماء المُعتقدين بتحريف القرآن كي يأمن الناس من التأثر بهم وبكتبهم. ولا يخفى بالطبع أننا لا نقصد -والله شاهد على ما نقول- أن نقول: إن علماء الشيعة جميعهم يعتقدون بتحريف القرآن ولا أن نضع كل العلماء في سلة واحدة، كل ما في الأمر أننا نُريد أن نُبَيِّنَ مخالفتنا للأكذوبة التي يقولها بعضهم من أن لا أحد من علماء الشيعة يعتقد بتحريف القرآن ثم يأتي القائل بأقوال بعض علماء الشيعة المخالفين للقول بتحريف القرآن دليلاً على كلامه، ولا يأتي بأي ذكر على فضائح الكُلَيْنِيّ والمَجْلِسِيّ والنوري و.....، ويُبقي العوام جاهلين بحقيقة أولئك العلماء. أما ما عدا ذلك فنحن نُقرّ ونعترف بأن المرحوم السيد المرتضى والشيخ عبد الجليل القزويني أو آية الله نعمة الله صالحي نجف آبادي أو المرحوم السيد محمود طالقاني وكثيرون آخرون لم يكونوا يعتقدون بتحريف القرآن أبداً، لكن المشكلة هنا هي: لماذا لا يقوم العلماء النافون للتحريف بذمِّ الكُلَيْنِيّ ولومه وتقبيح عمله وإعلان البراءة منه وممن يحملون مثل عقيدته، بل يُثنون على الكُلَيْنِيّ بدلاً من ذلك ويمدحونه إلى درجة تجعل العامة يظنون أنه من مفاخر الشيعة؟!
([9]) هو الشيخ محمد بن الحسين الحارثي العاملي الشهير ببهاء الدين العاملي (ت 1030 هـ.)، كان من علماء الإمامية المشهورين في عصره، ومن الأدباء والشعراء، وُلد ببعلبك، وانتقل به أبوه إلى إيران التي كانت تحت حكم الصفويين، فنزل بأصفهان فولّاه سلطانها «الشاه عباس الصفوي» رئاسة العلماء، فأقام مدة ثم تحول إلى مصر، وزار القدس ودمشق وحلب وعاد إلى أصفهان، فتوفي فيها، ودفن بطوس. أشهر كتبه «الكشكول» و«المخلاة» وهما من كتب الأدب المرسلة، بلا أبواب ولا فصول. (المُتَرْجِمُ)
([10]) راجعوا: محمد جواد البلاغي، آلاء الرحمن في تفسير القرآن، ج 1، ص 26. كما يُلاحظ من عبارة الشيخ البهائي فإن العلماء يعترفون بأن مثل هذه الخرافة المدمِّرة قد شاعت بين الناس، وسبب ذلك أحاديث الكُلَيْنِيّ وأمثاله.
([13]) لقد قمنا بهذا التقسيم بالطبع مجاراةً لمن ادَّعَى وجود مثل هذا التقسيم. وإلا فإذا قارَنَّا الحديث 28 و60 من الباب 165 أمكننا أن نُدرك أن المراد من بعض أحاديث القسم الأول أيضاً وقوع التحريف في القرآن.
([17]) راجعوا الصفحة 756-757 من الكتاب الحالي. وقد كرر الكُلَيْنِيّ هذا الحديث المفيد (!!) بشكل مختصر في الحديث 212 من روضة الكافي!
([18]) أَلْفِتُ نَظَرَ القُرَّاء الكرام بشكل مؤكد إلى نقطة مهمة وهي أنه في عددٍ من الأحاديث من النوع الثاني (ومن جملتها الحديث 3 من الباب 167) تخالف الصورة المنقولة للآية مفهوم الآية القرآنية بشكل كامل، فلا يُمكن الادعاء أن ما يقصده الحديث هو تفسير الآية أو تأويلها، لأن أقصى ما يمكن أن يكون في تأويل الآية أن يكون مخالفاً للظاهر المتبادر من لفظها، لا أن يكون ضدَّ ظاهر ألفاظها وعكسه، في حين أن كلمة «أعطِ» التي ذُكرت في الحديث ضد كلمة «أمسك» القرآنية، وعكس معناها تماماً. وهذا لا يدل إلا على وقوع التحريف. (فتأمل!)
([19]) راجعوا ما ذكرناه حول الحديث 439 من روضة الكافي ورأي المَجْلِسِيّ بشأنه في الصفحات 117 فما بعد من الكتاب الحالي.
([22]) هذا والحال أنه توجد قرائن عديدة على سوء نيتهم. منها أن رواة هذه الأحاديث هم من المجاهيل والضعفاء والمنحرفين. ومن القرائن الأخرى أن متون هذه الأحاديث غير منطقية وفاسدة إلى درجة لا يحتمل معها أي منصف صدورها عن فرد عادي فما بالك بصدورها عن أشخاص أجلاء كحضرة باقر العلوم وحضرة الصادق و..... . إضافةً إلى ذلك - وكما سبق أن قلنا - ما يُدّعى أنه تفسيرٌ للآية وتأويلٌ لها يُخالف أحياناً مفهوم الآية تماماً (ولا نقول لا يتناسب معها بل نقول يُناقض معناها) وذلك كالحديث 3 من الباب 167، وهذا بحد ذاته يُثبت بُطلان ذلك الادعاء.
وعلى سبيل المثال فإن «مُعَلَّى بن محمد» الذي روى 33 حديثاً في الباب 165، ادَّعى في الحديث الثاني من الباب 85 - دون أن يذكر اسم أي إمام - أن آيةً من سورة الرحمن تم حذفها! دون أن يأبه إلى ما يوهمه ذلك من وقوع التحريف في القرآن في ذهن قارئ الحديث! كما أن الكُلَيْنِيّ روى حديثه هذا دون أن يُبدي أي ريبٍ بمضمونه!! فكيف يُمكننا أن ندعي أن المقصود من أحاديث الباب 165 تفسير الآيات وتأويلها وليس تنزيلها؟!
([25]) الكُلَيْنِيّ، فروع الكافي، ج 4، كتاب الحج، (باب حج إبراهيم وإسماعيل وبنائهما البيت ومن ولي البيت بعدهما)، الحديث 4.
([26]) المَجْلِسِيّ، مرآة العقول، ج 3، ص 245. ويجب أن نقول بشأن هذا الحديث لقد كان عمل أصحاب النبي (ص) اللذين تربوا سنوات طويلة على أيدي رسول الله وتحت إشرافه وإرشاده وعلى حد قولكم ارتدوا جميعاً إلى ثلاثة أفراد - أو سبعة أفراد على أكثر حد - أسوأ وأقبح من عمل نساء قريش لأن الله بدلاً من فضح أولئك الأصحاب قام بفضح قريش لاسيما نساءها؟! لماذا لم يفضح نساء سائر أعداء الإسلام واهتم فقط بفضائح قريش؟ ثانياً: من اللذين حذفوا وحرفوا آيات القرآن المتعلقة بنساء قريش؟ واستطاع أن يُذهب من حافظة المؤمنين من غير قريش تذكر تلك الآيات ويمحوها من ذاكرتهم تماماً ويُزيلها من جميع نُسخ القرآن الموجودة في ذلك الوقت دون أن ينتبه أحد إلى هذا الأمر سوى «عبد الله بن سنان»؟!
([29]) كما نعلم كان «علي بن حسان الهاشمي» يقوم بنشر أكاذيب عمه «عبد الرحمن بن كثير الهاشمي». والحديث 34 أحد أحاديثه. وإذا لاحظنا الحديث 52 يُمكننا القول إن اسم عبد الله ذُكِر خطأً في الحديث 34 بدلاً من «عبد الرحمن» ولذلك اعتبرنا أن عدد أحاديث «عبد الرحمن» 11 حديثاً.
([32]) ذكر الكُلَيْنِيّ جزءاً من هذا الحديث في الحديث الخامس من الباب 165! وكأنه كان يريد أن يُكَثِّر من عدد أحاديث هذا الباب!!
([33]) جاءت في الآية كلمة «وَاصْبِر»، لكن الراوي قال: «فَاصْبِرْ». وقد نسبوا هذا الخطأ إلى النُسَّاخ. وليس لدينا إصرار على إنكار هذا الاِّدعاء. رغم أن هذا الغلط موجود في نسخ الكافي المختلفة ولم يُشِر مصحِّح الكافي ومحققه إلى اختلاف النسخ في هذه الكلمة، مما يجعل احتمال أن يكون الخطأ من الراوي احتمالاً وراداً وغير منتفيٍ. لا سيّما أن المصحِّح أوضح في الحاشية بشأن الحديث الأول والسابع عشر من الباب 165 مثلاً، بأنه في بعض نسخ الكافي نُسِبَ الحديثان إلى الإمام الصادق (ع). ويمكننا أن نجد نماذج عديدة أخرى لذلك.
([35]) يبدو أنه يقصد أحد علماء القرن العاشر الهجري الذي يُدعى «السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي» مؤلف كتاب «تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة».
([37]) لاحظوا أن كلمة «مخطوطة» مؤنثة، وتُعتبر صفةً لكلمة «آية» لا لكلمة «مراد» و «معنى». ويقول المَجْلِسِيّ حول هذا الحديث: "مخطوطة أي مكتوبة، وهو صريح في «التنزيل»، وحمله على التأويل بأن يكون المراد أنها مخطوطة شرحاً وتفسيراً للآية، أو كون المراد أنها مكتوبة في الكتاب من الكتب التي عندهم لا القرآن، بعيد". (مرآة العقول، ج 5، ص 32).
([39]) أصول الكافي، ج 2، ص 633، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، حديث 23. وقد سبق أن ذكرنا هذا الحديث في الصفحة من 117 من الكتاب الحالي. وبالمناسبة فإن النجاشي قال عن الراوي الأول في سند هذا الحديث: «سَالِـمِ بْنِ سَلَمَةَ»: "حديثه ليس بالنقيّ".
([41]) راوي هذا الحديث هو «الْحُسَيْنُ بْنُ مَيَّاحٍ». كان هو وأبوه ضالَّين. اعتبره ابن الغضائري والعلامة الحلي وابن داود غالياً ومن الضعفاء.
([43]) رجال الكِشِّيّ، ص 247. أو ص 290 من طبعة مشهد. والرواية نقلها المَجْلِسِيّ أيضاً عن رجال الكِشِّيّ في بحار الأنوار، ج 89، ص 54. (المُتَرْجِمُ)
([44]) تفسير العياشي، ج 1، ص 341، ورجال الكِشِّيّ، (ط. جامعة مشهد)، ص 291. و وسائل الشيعة، ج 17، ص 167، (بَابُ تَحْرِيمِ كَسْبِ الْقِمَار) (طبعة قم الجديدة، تحقيق مؤسسة آل البيت)، وبحار الأنوار، ج 24، ص 300. (المُتَرْجِمُ)
([45]) راجعوا الصفحات 119 -120 من الكتاب الحالي، وما ذكره المرحوم قلمداران في كتابه «شاهراه اتِّحاد» [طريق الاتِّحاد] (ص 118).
([49]) الأحاديث 3، 14، 17، 42، 43، 71، و83 من الباب 165 من الكافي تشابه هذا الحديث. راجعوا كتاب «مرآة العقول» (ج 5، ص 48 فما بعد).
([55]) هاشم معروف الحسني، الموضوعات في الآثار والأخبار، ص 235 - 238. ولاحظوا نماذج أخرى لخرافات «حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ» في الصفحة 637 - 638 من الكتاب الحالي. وهو أيضاً راوي الحديث الأول من الباب 165 من الكافي، والحديثين 340 و 341 من روضة الكافي.
([56]) الحر العاملي، وسائل الشيعة، كتاب الحج، أبواب المزار وما يناسبه، باب تأكُّد استحباب زيارة الحسين.... ، ج 10، ص 328، الحديث 30.
([58]) اعتبر المجلسي الحديث 24- كما لاحظنا في الجدول - مجهولاً، ولكن بسبب مشابهة موضوعه لموضوع الحديث 63 ذكرناه في هذا القسم. وقد اعتبر المجلسي الحديث 78 مجهولاً حسب السند الذي أورده الكُلَيْنِيّ له، لكنه قال إن علي بن إبراهيم ذكر لهذا الحديث سنداً صحيحاً. ولذلك فإننا نقدنا الحديث 78 أيضاً في هذا القسم.
([64]) نص الآية الصحيح هو: ﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ 40 يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ 41 إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ...﴾ (المُتَرْجِمُ)
([65]) من المفيد بيان كيف جاء نقل الآية في هذا الحديث: قال (إِنَّ الَّذِينَ... ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً. إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً. يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ فَإِنَّ لِـلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)!!!
أما الآية الصحيحة كما في القرآن فهي كالتالي: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا 168 إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا 169 يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِـلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا 170﴾ [النساء/168 - 170]. (المُتَرْجِمُ)
([67]) طبقاً لما رواه «محمد بن إبراهيم النعماني» في كتاب «الغيبة» (ص 318) فقد نسبوا إلى ابن نباتة حديثاً آخر هو التالي: "عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً (ع) يَقُولُ: كَأَنِّي بِالْعَجَمِ فَسَاطِيطُهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ. قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَوَلَيْسَ هُوَ كَمَا أُنْزِلَ؟! فَقَالَ: لَا مُحِيَ مِنْهُ سَبْعُونَ مِنْ قُرَيْشٍ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَمَا تُرِكَ أَبُو لَهَبٍ إِلَّا لِلْإِزْرَاءِ عَلَى رَسُولِ اللهِ (ص) لِأَنَّهُ عَمُّه!!!" (بحار الأنوار، ج 89، ص 59- 60).