114. بيان حال «زَيْدٍ الشَّحَّامِ» وذكر نماذج لرواياته التي تكشف ضعفه وعدم وثاقته
قبل الانتقال إلى دراسة ونقد أحاديث الباب التالي، من المفيد أن نعرِّف بأحد رواة الأحاديث المذكورة أعلاه وهو راوي الرواية الثانية من الباب 60 من الكافي. إنه: «أبو أسامة زَيْدٌ الشَّحَّامُ»: قالوا: إنه من أصحاب الإمامين الباقر والصادق - عليهما السلام - وَلَمْ يُضَعِّفوه [أي وثَّقُوه]([1]). ولكنه في الواقع من الغلاة لأن رواياته خرافية ومعارضة للقرآن. فقد أثنى على نفسه وادَّعى أن اسمه جاء في كتاب موهوم باسم: «كتاب أصحاب اليمين»!([2]) وأن معنى وجود اسمه في ذلك الكتاب أنه من أهل الجنَّة!! كما ادَّعى أن حضرة الإمام الصادق u قال له: "يا زيد ما عندنا لك خير، وأنت من شيعتنا. إلينا الصراط وإلينا الميزان وإلينا حساب شيعتنا!!"([3]).
في حين أنه من المقطوع به أن الإمام لا يمكن أن يتكلَّم بمثل هذا الكلام المخالف للقرآن، لأن القرآن اعتبر تلك الأمور خاصَّة بالله المتعال ومنحصرة به، وقال تعالى مخاطباً النبيَّ الأكرم J: ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام/52]. وقال أيضاً: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ 25 ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية/25-26]. وقال نحو ذلك أيضاً في الآية 69 من سورة الأنعام والآية 113 من سورة الشعراء.
إن هذا الرجل فاسد العقيدة يقول: "إِنَّ اللهَ جَعَلَ تُرْبَةَ الْحُسَيْنِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْف"!([4]) في حين أن استعمال التراب مخالف لأصول الصحَّة، ولو كان المُراد من استعمال التربة أكلها([5]) فإن أكل التراب حرام في الإسلام.
إن أمثال هذه الأكاذيب هي التي أدَّت إلى تصوُّرِ الناس غير المطَّلعين أو الذين ليس له علم كافٍ بأن دين الإسلام دين خرافي يعارض العلم.
وقد روى زيدٌ الشحَّام أيضاً أن "مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ u لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ومَا تَأَخَّر"؟!!([6]) أي غفر له ذنوبه التي سيفعلها بالمستقبل أيضاً؟!!
كما أنه من رواة الحديث رقم 56 في الباب 165 الفاضح في الكافي. وقد ادَّعى في هذا الحديث أن الإمام الصادق u قال - خلافاً للقرآن - إننا نُغْني عن شيعتنا يوم القيامة ونكفيهم من عذاب الله([7]). نعوذ بالله من هذه الخرافات. كما أنه من رواة الحديث الذي درسناه ونقدناه في الصفحة 375 - 376 من الكتاب الحالي.
([1]) انظر «الفهرست» للطوسي، ص 71، إذْ وصفه بقوله: "ثقةٌ له كتاب". وانظر رجال العلامة الحلي، ص 73، فقد وصفه بأنه: "ثقةٌ عينٌ". (المُتَرْجِمُ)
([2]) لقد تكلمنا عن كذب كتب من قبيل «أصحاب اليمين»، أو «الناموس» أو «السمط» أو «الجفر» أو «الجامعة» و«مصحف فاطمة» و..... في دراستنا لأحاديث الباب 98 من الكافي، فليُراجَع ثمَّةَ.
([4]) وسائل الشيعة، (باب استحباب الاستشفاء بتربة الحسين (ع) والتبرُّك بها وتقبيلها وتحنيك الأولاد....)، ج 10، ص 409 - 410، الحديث رقم 5.
([5]) راجعوا: وسائل الشيعة، (باب استحباب الاستشفاء بتربة الحسين (ع) والتبرُّك بها وتقبيلها وتحنيك الأولاد....)، ج 10، ص 411 - 412، الحديثان 11 و14. ومستدرك الوسائل، الطبعة الحجرية، ج 2، ص 221 - 222.
([6]) وسائل الشيعة، (باب تأكُّد استحباب زيارة الحسين (ع) فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ....)، ج 10، ص 366 ، الحديثان 5 و6.
([7]) نص الحديث كما يلي: "عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) وَنَحْنُ فِي الطَّرِيقِ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ: اقْرَأْ -فَإِنَّهَا لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ- قُرْآناً، فَقَرَأْتُ: «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ. يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ» فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع): نَحْنُ وَاللهِ الَّذِي رَحِمَ اللهُ، وَنَحْنُ وَاللهِ الَّذِي اسْتَثْنَى اللهُ، لَكِنَّا نُغْنِي عَنْهُمْ". (المُتَرْجِمُ)