80. بَابُ حُدُوثِ الْأَسْمَاءِ
يشتمل هذا الباب على أربعة أحاديث لم يصحِّح المجلسيّ ولا البهبودي أياً منها!! اعتبر المجلسيّ الحديث الأول مجهولاً ووصف الثلاثة الباقية بأنها ضعيفة.
ß الحديث 1 - اعتبره المجلسيّ كما قلنا مجهولاً، ولكن الواقع أنه ضعيف مردود لوجود «صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ» الغالي والضعيف و«الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ» الواقفي وعدو الأئمَّة بعد الإمام الكاظم (ع) في سنده. وعلى كل حال فإن هذا الحديث رواه شخص فاسد المذهب عن شخص ضعيف عن آخر مجهول لم يفهم نفسه ما قاله ولا استطاع الشُّرَّاح أن يفهموا كلامه. وبدلاً من أن يقول المجلسيُّ صراحةً إنه ليس لهذا الحديث أي معنىً واضح، قال:
"اعلم أن هذا الخبر من متشابهات الأخبار وغوامض الأسرار التي لا يعلم تأويلها إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ والسكوت عن تفسيره والإقرار بالعجز عن فهمه أصوب وأولى وأحوط وأحرى!!"([1]).
وينبغي أن نقول للكليني: لماذا ذكرتَ في كتابكَ مثل هذا الحديث الذي لا يستطيع أحد - حتى أشخاص مثل المجلسيّ - أن يدركوا معناه؟ وإذا كان الحديث من الأسرار فلماذا أُعْطِيَتْ هذه الأسرار إلى رواة مجهولين وفاسدي المذهب؟ هل دين الله سرّي ويتضمّن كلمات ومصطلحات معقّدة وفلسفية غامضة؟ هل جاء الإمام لتلفيق الألغاز والمشكلات؟
يقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم/4]. ويقول أيضاً: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران/138] ولم يقل "هذا بيان للفلاسفة". أليس التكلم بالألغاز في الحديث مخالف لنهج القرآن الكريم وأسلوبه؟ أنتم تدَّعون أن الأحاديث مُبَيِّنة لآيات القرآن وشارحة لها، فقولوا لنا كيف يمكن لمثل هذه الأحاديث أن تفسِّر آيات القرآن؟ كيف تتركون القرآن الذي كرَّر الله تعالى قولَه فيه -في سور القمر-: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ والذي بيَّن تعالى أنه أنزله بلسان القوم الذي أنزل عليهم، وتنفقون عمركم على هذه الأحاديث وتضيعون أوقاتكم في تأويلها وتوجيهها.
في نظرنا لو عمل الكُلَيْنِيُّ بالحديث التاسع من الباب السابع عشر لكان عليه أن يجتنب رواية مثل هذه الأحاديث.
ß الحديثان 2 و 3 - لكلا الحديثين سند واحد وهو ضعيف حسب قول المجلسيّ. أحد رواة الحديثين «الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ» الذي عدَّه الغضائري والشيخ الطوسي والنجاشي ضعيفاً ومن الغلاة. وجاء في رجال الكشِّي عنه: "لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، فلقد كان من العليائية الذين يقعون في رسول الله o وليس لهم في الإسلام نصيب"([2]).
إن أحد روايات هذا الراوي حديثٌ ذكره المرحوم قلمداران في كتابه «زيارت و زيارتنامه» (صفحة 61 - 62) نقلاً عن كتاب «كامل الزيارة» تأليف «ابن قولويه».
ß الحديث 4 - أحد رواته «بكر بن صالح» الذي تعرَّفْنَا عليه في الصفحات السابقة([3]). ولا يتضح معنى الكلام الذي تم تلفيقه في هذا الحديث. إن القرآن قال بشكل واضح: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ...﴾ [الشورى/11] وقال أيضاً: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِـلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النحل/74]، أما في هذا الحديث فبدلاً من أن يتكلم الإمام كلاماً واضحاً ذكر كلاماً معقداً، وبدلاً من أن يقول ليس لِـلَّهِ حجابٌ ولا صورة ولا مثال قال: "مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللهَ بِحِجَابٍ أَوْ بِصُورَةٍ أَوْ بِمِثَالٍ فَهُوَ مُشْرِكٌ". أي أنه في الواقع أثبت في البداية لله الحجاب والصورة والمثال، ثم قال إن حجاب الله وصورته ومثاله غيره، وأن مَنْ عَرَفَ اللهَ بها فهو مشركٌ!