81. بَابُ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَاشْتِقَاقِهَا

يشتمل هذا الباب على اثني عشر حديثاً صحَّح المجلسيُّ منها الأحاديث: 5، 10، و12، أما الأستاذ البهبودي فلم يصحِّح إلا الحديثين 5 و 6 منها فقط. والحديث الثاني في هذا الباب هو الحديث الثاني في الباب 28 ذاته الذي كرره الكُلَيْنِيّ هنا.

ß الحديث 1 - 103سنده ضعيفٌ حسب قول المَجْلِسِيّ. متنه أيضاً أفضل شاهدٍ على أنه حديثٌ مُنْكَرٌ ساقطٌ من الاعتبار. يقول «عَبْدُ اللهِ بْنُ سِنَانٍ»: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (الإمام الصادق u) عَنْ تَفْسِيرِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟ فقَالَ: "الْبَاءُ بَهَاءُ اللهِ وَالسِّينُ سَنَاءُ اللهِ وَالْمِيمُ مَجْدُ اللهِ!!

فأقول: إن القرآن نزل بلسان عربي مبين وبلغة قريش، والباء في تلك اللغة حرفُ جَرٍّ يدخل على الأسماء الأخرى أيضاً ويتعلَّق بفعلٍ مُقَدَّرٍ مناسب من مصدر الابتداء أو التبرُّك (مثل: أبتدئُ أو نبتدئ أو أتَبَرَّكُ و......).

ثم لو تقرَّر أن يكون حرف الباءِ إشارةً إلى معنى ما، فلماذا لا تكون الباء إشارة إلى «البصير» والسين إشارة إلى «السميع»؟! وقس على هذا.

ثم إن واضع الحديث لم يكن يعلم العربية، وإلا لعلم أن كلمة «بسم» كُتِبَت في القرآن بلا همزة استثناءً واحتراماً لطريقة كتابة القرآن وفي آية «بسم الله الرحمن الرحيم» فقط، أما في الأماكن الأخرى فلا يمكن كتابة الكلمة دون الألف، ولكن واضع الحديث نسي أن يضع معنى ما لهمزة الألف في كلمة «باسم». وثانياً: نسأل: إذا أضيفت كلمة «بسم» إلى غير لفظ الجلالة «الله» فهل يكون معنى الباء فيها: بهاء الله وثناء الله ومجد الله؟!.

لا يخفى أن ا«لملا صدرا» على قدرته الباهرة في تلفيق الكلام لم يستطع أن يجد توجيها مناسباً لهذا الحديث واعترف أن لا سبيل للعقل للوصول إلى معنى لهذا الحديث!!!([1]).

ß الحديث 2 - يُراجَعْ الحديث الثاني من الباب 28.

ß الحديث 3 - راويه «الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى» الكذَّاب فاسد الدين، وهو راوي الحديث الأول في هذا الباب. ومتنه كذلك لا يخلو من إشكال، لأنه قال إن معنى كلمة «الله»: "المستولي عَلَى مَا دَقَّ وَجَلَّ"! مع أن هذا المعنى غير صحيح. نَعَمْ، اللهُ مستولٍ على كل شيء، لكن لفظة الجلالة «الله» بحد ذاتها ليس معناها المستولي.

ß الحديث 4 - راويه «سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ» الكذَّاب، وقد اعتبره المَجْلِسِيّ ضعيفاً. وذيل الحديث أيضاً مرسل حسب قول المَجْلِسِيّ.

ß الحديث 5 - كلا المجلسي والبهبودي اعتبراه غير صحيح. ولكن متنه لا إشكال فيه.

ß الحديث 6 - مجهول - حسب قول المَجْلِسِيّ - أما الأستاذ البهبودي فاعتبره صحيحاً؟!

ß الحديث 7 - يقول المَجْلِسِيّ إنه مرفوعٌ. إضافة إلى ذلك فإن أحد رواته «أَبُو هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيُّ» راوي الخرافات([2]).

ß الحديث 8 و 9 - الحديث 8 ضعيف حسب قول المَجْلِسِيّ و الحديث  9 مجهول. في الحديث التاسع، الراوي «جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ» مهمل. أما مَتْنَا الحديثين فلا إشكال فيهما. ولكن لا يمكننا أن ننسبهما بنحوٍ مطمئن إلى قول الإمام بسبب العلَّة في سنديهما.

ß الحديث 10 - سنده ضعيف لوجود شخص فاسد العقيدة فيه مثل «مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ [اليقطيني]»([3]). وراويه أيضاً «هِشَام بنُ الحَكَم» المجسِّم للذات الإلهية سبحانه وتعالى([4]).  متن الحديث أيضاً بُيِّنَ بشكل غير مناسب ففيه "عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ u عَنْ «سُبْحَانَ اللهِ» فَقَالَ: «أَنَفَةٌ لِـلَّهِ»".  أي عزَّةٌ و كبرياءٌ لِـلَّهِ.  فبدلاً من أن يقول لِـلَّهِ العظمة أو لِـلَّهِ العزَّة والكبرياء استخدم تعبير أنفة الذي يُستخدم عادةً للإنسان المغرور، وهو تعبير غير مناسب في حق الله المتعال - جلَّ ذكره -.

ß الحديث 11 - 104متنه لا لإشكال فيه أما سنده فضعيف حسب قول المَجْلِسِيّ. أحد رواته «أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ» ([5])، الذي تلاعب بمعاني القرآن الكريم في الحديث الرابع من الباب 177 من الكافي([6]) وادَّعى أن الإمام الكاظم (ع) أَتَاهُ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ فسأله عن الآيات الأولى من سورة الدخان المباركة:  ﴿حم. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ مَا تَفْسِيرُهَا فِي الْبَاطِنِ؟ فَقَالَ: أَمَّا ﴿حم﴾ فَهُوَ مُحَمَّدٌ J وَهُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ [أي أن حرفي الميم والدال لم يُذكرا فيه]، وَأَمَّا ﴿الْكِتابِ الْمُبِينِ﴾ فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ u وَأَمَّا ﴿اللَّيْلَةُ المُبَارَكَة﴾ فَفَاطِمَةُ عليها السلام....."([7]).

وأقول: مالفائدة من أن يأتي اسمُ نَبِيِّ الإسلامِ بحرفين من وسطه أي (ح) و(م) في كتاب حضرة هود (ع)، وأي فائدة كان في ذلك لأمة النبي هود (ع)؟

ثانياً: إن الكتاب الذي يشير إلى علي بن أبي طالب (ع) بعبارة «الكتاب المبين»، ويشير إلى الزهراء بعبارة «ليلة مباركة» هو كتاب رموز وأحاجي وليس كتاباً مُبِيْنَاً لهداية الناس. ثم لماذا ذُكِر الإيمان بعليٍّ [أي بولايته] الذي يُعَدُّ من أصول التشيُّع في باطن الكتاب، وليس له أي أثر في ظاهر الكتاب؟ لماذا حُجِبت هذه الحقيقة عن المخاطبين بظاهر القرآن؟ لاحظوا كيف تلاعبوا بمعاني القرآن. والسؤال الآخر: من أين فهم النصراني أن الإمام قد أصاب في شرحه لباطن الآية وأنه لم يخطئ؟!.

ß الحديث 12 - سنده ضعيف بسبب «سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ»([8]) [وبسبب «أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ»([9]) أيضاً]، لكن المجلسي اعتبر سنده صحيحاً! أما متن الحديث فغير خالٍ من العيب أيضاً لأن راويه يقول: "سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ u مَا مَعْنَى الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ: إِجْمَاعُ الْأَلْسُنِ عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ".

وهذه الإجابة لا علاقة لها بالسؤال! والإمام لم يبيِّن معنى الواحد؟!  حقاً، هل كان رواة هذه الأخبار من محبي الإمام فعلاً؟



([1])   أمثال هذا الحديث ليس قليلاً في كتبنا. من ذلك ما جاء في روايةٍ أن علياً (ع) قال: "أنا نقطة الباء في «بسم الله»"!!. وواضع هذا الحديث لم يكن يعلم أن المصحف الذي كان مكتوباً بالخط الكوفي زمن أمير المؤمنين (ع) لم يكن يحتوي على نقاط ولذلك لم تكن هناك نقطة لباء «بسم» في ذلك الوقت، وَمِنْ ثَمَّ فلم يكن من الممكن أن يقول الإمام علي (ع) مثل ذلك الكلام، وأقول لرواة هذا الحديث وأمثاله ومروجيه حقاً إن أفكاركم عاليةٌ جداً، واكتشافاتكم مفيدة للغاية، إن الغربيين استطاعوا أن يصنعوا من الحديد صواريخ عابرة للقارات، وسفناً تغزوا الفضاء، وأقماراً صناعية، واكتشفوا الفيروسات، وكل يوم يزدادون قوةً على المسلمين، ويسيطرون على مُقَدَّراتهم، أما أنتم فتخترعون لباء «بسم الله» معنى البهاء، وتصنعون من نقطة الباء عليَّ بن أبي طالب!

([2])   راجعوا الصفحة 119فما بعد من هذا الكتاب.

([3]) راجعوا الصفحة 207فما بعد من هذا الكتاب.

([4])   عرَّفنا بحاله في الصفحة 115والصفحة 264فما بعد من هذا الكتاب.

([5])   عرَّفنا بحاله في الصفحة 199 من هذا الكتاب.

([6])   ليست هذه الرواية الوحيدة التي تلاعب فيها «أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ» بمعاني القرآن بل الحديث 10 من الباب الفاضح رقم 165 من الكافي هي من رواياته  أيضاً.

([7]) أصول الكافي، بَابُ مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (ع) ، ج 1، ص 478 - 481. (المُتَرْجِمُ)

([8])   للتعرف على أحواله راجعوا ما ذكرناه في الصفحة 80من الكتاب الحالي.

([9])   للتعرف على أحواله راجعوا الصفحة 119فما بعد من الكتاب الحالي. (المُتَرْجِمُ)