76. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْجِسْمِ وَالصُّورَةِ
اعلم أنه لما كانت أحاديث هذا الباب - كأحاديث الباب الذي قبله - موافقةً للعقل ولا تتعارضُ مع القرآن الكريم فنحن نقبل متنها ولا نعترض عليه. ولكن بسبب ضعف أسانيدها لا نستطيع أن نتأكَّد من صدور هذه الأحاديث عن الأئمة ونطمئنّ إلى ذلك. وعلى كل حال فيشتمل هذا الباب على ثمانية أحاديث لم يعتبر المجلسيّ ولا البهبودي أياً منها صحيح السند. ولكن المجلسيّ اعتبر الحديث الأول مُوَثَّقاً رغم وجود «علي بن أبي حمزة البطائني» في سنده.
هذا ولقد جاءت أحاديث هذا الباب كلُّها أيضاً في كتاب «التوحيد» للشيخ الصدوق في الباب الذي عنون له بـ: «أنه عزَّ وَجلَّ ليسَ بِـجِسْمٍ وَلا صُوْرَةٍ»([1]).
يتبيَّن من الأحاديث 1 و4 و6 في هذا الباب أن ذلك الثناء والمديح الذي قالوه بحقِّ «هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ» ليس صحيحاً بل يظهر من هذه الأحاديث عكس ذلك. بل يظهر بناء على الحديث 1 أنه لم يكن يتورَّع عن الكذب والافتراء على الإمام (ع). وقد تعرَّض إلى لعن الإمام واعتراضه([2])، وقد سبق أن عرَّفْنَا به([3]). وسنذكر هنا نموذجاً من أباطيله، روى الكُلَيْنِيّ في الكافي:
102"عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ الإمام الصادق u فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ يَعْنِي فِي الْمِيثَاقِ ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ [الأنعام/158] قَالَ: الْإِقْرَارُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ u خَاصَّةً، قَالَ: لَا يَنْفَعُ إِيمَانُهَا [أي بدون ذلك الإقرار] لِأَنَّهَا سُلِبَتْ"([4]).
فأقول: أولاً: المراد من عبارة «مِنْ قَبْلُ» في الآية المذكورة: قبل الموت وقبل ظهور بعض آيات الله، أو مقارناً لوقت القيامة أو قبل وقوعها بقليل، وليس في زمن الميثاق.
ثانياً: لو كان قوام المؤمنين وبقاؤهم مشروطاً بإيمانهم وإقرارهم بولاية علي u وأن عدم هذا الإقرار يؤدي إلى سلب الإيمان، فلماذا ضنَّ القرآن على الناس ببيان هذه الحقيقة، ولم يبين للمؤمنين هذا الأمر بوضوح، بل أوكل بيانه إلى حديث مجهول؟!
([1]) الشيخ الصدوق، كتاب التوحيد، تصحيح وتعليل السيد هاشم الحسيني الطهراني، مكتبة الصدوق، الصفحة 97 فما بعد.