265. بَابُ صِلَةِ الْإِمَامِ (ع)

جاءت في هذا الباب سبعة أحاديث، اعتبر المَجْلِسِيّ الحديث 1 مرفوعاً والأحاديث 2 و3 و5 ضعيفةً والحديث 6 مُرْسَلاً والحديث 4 مُوَثَّقاً والحديث 7 مُوَثَّقاً كالصحيح. أما الأستاذ البِهْبُودِيّ فلم يُصَحِّح أيَّاً من أحاديث هذا الباب.

أحاديث هذا الباب مروية عن أشخاص منحرفين وضعفاء من قبيل «المُفضَّل بن عُمَر» و «خَيْبَريّ بن علي الطحان» و «يونس بن ظَبْيَان» و «محمد بن سِنَان» و «عليِّ بْنِ الحَكَم» و «إسحاق بْنِ عَمَّار»([1]). وفي رأينا أن الذي وضع هذه الأحاديث هم الأشخاص الذين كانوا يأخذون المال من الناس بحُجّة أنهم وكلاء للإمام أو نُوَّابه، كي يصلوا من خلال هذه الأحاديث إلى الجاه والمال.

يقول الحديث الأول: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَهُوَ كَافِرٌ!!".

ونسأل: لماذا هو كافر؟ هل إذا ظنَّ شخص أن حاكم المسلمين ومن بيده زمام أمورهم يحتاج إلى مال الناس وعليه أن يأخذ راتباً من بيت مال المسلمين يكون قد أنكر أصلاً من أصول الإسلام أو فرعاً من فروعه؟! هل يُمكن تكفير مثل هذا الشخص؟  هذا، وقد تمَّ الاستشهاد في الجزء الأخير من الحديث بالآية 103 من سورة التوبة مع أن معناها الظاهر كما قال مؤلف «مجمع البيان» وأكثر المُفسِّرين، يتعلق بفريضة الزكاة. وفي الواقع لا علاقة للآية بالخُمس وبسهم الإمام وسائر الوجوه الشرعية، ولا بُدَّ من دفع الزكاة إلى الحاكم مبسوط اليد كي يُنفقها في المصارف التي حددها القرآن. وللأسف، لقد وضع الرواة الكذَّابون أحاديث تحصر وجوب الزكاة في تسعة أشياء فقط، ووضعوا لتلك الأشياء التسعة أيضاً شروطاً جعلت الشيعة عملياً لا يهتمون بدفع الزكاة!([2])

تمَّ الاستشهاد، في الأحاديث التي بعده، بالآية الحادية عشرة من سورة الحديد([3]) التي تتعلق بالإنفاق، وادُّعي أنه لا بُدَّ من أن تُدفع النفقات للإمام وأن دفع درهم واحد للإمام يُعادل جبل «أُحد» في الأجر والثواب. بل جاء في أحد الأحاديث (الحديث 6): "دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفِ [أي مليوني] دِرْهَمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ!!".

فليت شعري! هل لو بنى مسلم مشفىً أو مدرسةً أو مسجداً أو طريقاً بمليوني درهم يكون ثوابه أقل من ثواب إعطاء درهم واحد لإمام ليس مبسوط اليد؟! إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يُبيِّن القرآن هذه المسألة كي يعلمها الناس ويُعطوا صدقاتهم وما يُنفقونه من أموال إلى الإمام؟ وماذا يفعل الناس في زماننا حيث لا يوجد إمام يُمكن الوصول إليه؟ لعلهم سيقولون: يجب إعطاء الأموال والنفقات لوكلائه في قم والنجف!!



([1])   لقد تم التعريف بأحوال جميع هؤلاء الرواة في الكتاب الحالي. راجعوا فهرست الرواة في آخر الكتاب.

([2])   ألف أخونا الفاضل المرحوم «قلمداران» كتاباً مفيداً جداً حول الزكاة سمَّاه «حقايق عريان در اقتصاد قرآن» أي (حقائق واضحة حول اقتصاد القرآن)، أُوصي إخواني المؤمنين بشكل مؤكد بقراءته.

([3])   أي قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد/11].  (المُتَرْجِمُ)