225. بَابُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَغْسِلُهُ إِلَّا إِمَامٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ (ع)

جاءت في هذا الباب ثلاثة أحاديث لم يُصحِّح المَجْلِسِيّ ولا البِهْبُودِيّ أيَّ واحدٍ منها. وصرَّح المَجْلِسِيّ بضعفها جميعاً! وراوي الثلاثة هو «مُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ» الذي عرفنا حاله فيما سبق. (راجعوا فهرس الرواة في آخر الكتاب). كما أن سائر رواة هذه الأحاديث مثل «الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ» و«مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ» مجروحون ومطعون بهم.

وليس لأحاديث هذا الباب معنى واضح وصحيح بل معناها مخالف لحقائق التاريخ. ومن هذا يمكننا أن ندرك أن الكُلَيْنِيّ لم يكن مطَّلعاً بنحوٍ جيِّدٍ على تاريخ الأئِمَّة وسيرهم وإلا لما قدّم للقراء هذه الأكاذيب بوصفها: "الآثار الصحيحة عن الصادِقِين"!

لم يقم أبناء حضرات سيد الشهداء (ع) والكاظم والرضا والجواد بغسل آبائهم، لأن حضرة السجَّاد كان مريضاً وأسيراً عندما استُشْهد أبوه، وعندما تُوُفِّيَ الإمام الرضا كان ابنه حضرة الجواد طفلاً صغيراً، وكذلك لمَّا تُوُفِّيَ الجواد نفسه كان ابنُه حضرة الهادي صغيراً غير بالغ أيضاً.

قد يقول بعض قُرَّاء المراثي إن حضرة السجّاد أو حضرة الرضا قاما بطيّ الأرض (من المدينة إلى بغداد) وحضرا جنازة والديهما! ولكننا نُذَكِّر أنه لما عزم أهل مكة على قَتْل رسول الله J - ومقامه أعلى وأرفع من مقام الأئمة جميعهم - خرج J من مكة ماشياً على قدميه أو راكباً على الجمل وقطع باقي الطريق إلى المدينة بمشقة بالغة، ولم يطو الأرض خلافاً لما يفعله مشايخ الصوفية، في حين أنه حتى لو طوى الأرض لكان ذلك منه معجزةً بهدف إثبات نبوته وبيان صدق رسالته، أما معجزة حضرة الرضا فما الهدف منها؟ هل تعتبرونه نبياً أيضاً؟!

وقال الشيخ المفيد إنه لما حضرت الإمام الكاظم (ع) الوفاة، لم يأتِ على اسم ابنه بذكر بل قال: "أريد أن يتولى غُسْلي وَجَهَازي مولاي [يعني غلامه] فلان، فتولى ذلك منه"([1]).

وفي الحديث الرابع من الباب 147 من الكافي أن الإمام الرضا (ع) لما سُئِلَ: "أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِمَامِ مَتَى يَعْلَمُ أَنَّهُ إِمَامٌ: حِينَ يَبْلُغُهُ أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ مَضَى؟ أَوْ حِينَ يَمْضِي، مِثْلَ أَبِي الْحَسَنِ [الإمام الكاظم] قُبِضَ بِبَغْدَادَ وَأَنْتَ هَاهُنَا؟".  فلم يُجِب الإمام الرضا بأنني أنا الذي أقوم بغسله بل قال: إن الله ألهمني وفاته. كما لم يُشِرْ في الحديثين الأول والثالث من الباب 147 إلى حضوره عند جثمان أبيه. ورغم كل ذلك يقول رواة الكُلَيْنِيّ في هذا الباب إن الإمام الرضا (ع) قال: "إِنِّي غَسَلْتُ أبي!". أضف إلى ذلك أن غسل الإمام لا يختلف عن غسل سائر المسلمين، فيجب على المسلمين الحاضرين فرضَ كفايةٍ أن يتوَّلوا غسل الميِّت، ولا يجب ذلك على الغائبين.



([1])   الشيخ المفيد، «الإرشاد»، ج 2، ص 243.