218. بَابٌ فِيمَنْ دَانَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ إِمَامٍ مِنَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ

جاءت في هذا الباب خمسة أحاديث صحَّح المَجْلِسِيّ منها الأحاديث 1 و2 و4، واعتبر الحديثين 3 و5 ضعيفين، وصحَّح الأستاذ البِهْبُودِيّ الحديثين 1 و2 منها فقط. والحديث الثاني في هذا الباب هو الحديث الثامن في الباب 65 ذاته، كرَّره الكُلَيْنِيّ هنا.

قيل في أحد أحاديث هذا الباب (الحديث الأول) أن مَنِ اتَّخَذَ دِينَهُ رَأْيَهُ بِغَيْرِ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى فقد ضلَّ وأعماله غير مقبولة.  وجاء في الحديث الثاني أن "مَنْ دَانَ اللهَ بِعِبَادَةٍ يُجْهِدُ فِيهَا نَفْسَهُ وَلَا إِمَامَ لَهُ مِنَ اللهِ فَسَعْيُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَهُوَ ضَالٌّ مُتَحَيِّرٌ وَاللهُ شَانِئٌ لِأَعْمَالِهِ........... وأنَّ مَنْ أَصْبَحَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا إِمَامَ لَهُ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ ظَاهِراً عَادِلًا أَصْبَحَ ضَالًّا تَائِهاً". وجاء في الحديث الثالث: ".... لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ اللهَ بِوَلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللهِ.....".

فأقول: إن المقصود من هذه الأحاديث من يترك الإمام العادل العالم بحقائق الدين وأحكام الشريعة ويذهب وراء إمام جاهل ظالم. وهذا الكلام صحيح ولا مُنْكِرَ له. ولكن ينطبق عليه مع الأسف: «كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيْدَ بِهَا بَاطِلٌ»! لأنه ذُكِر في هذه الأحاديث ذاتها عن راوٍ أحمق مثل «هشام بن سالِم» -الذي ادّعى أن القرآن كان 17 ألف آية- وعن مجموعة من الكذّابين أنّ الظالمين والمسيئين إذا كان لهم إمام من الله نالوا النجاة، وأن الأبرار المتَّقين إن لم يكن لهم إمام من الله هلكوا!  فليت شعري! هل هناك كلام يجعل الشيعة غير مبالين بالذنوب والآثام أكثر من هذا الكلام؟! أضف إلى ذلك أنه لو كانت الإمامة المُعيَّنة مِنْ قِبَلِ الله مؤثرة إلى هذا الحد في نجاة الإنسان وسعادته الأبدية، فلماذا لم يُشِر إليها القرآن الكريم، بل قال بدلاً من ذلك: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء/123].

ß الحديث 2 - جاء في متنه: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا إِمَامَ لَهُ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ ظَاهِراً عَادِلًا أَصْبَحَ ضَالًّا تَائِهاً وَإِنْ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ مَاتَ مِيتَةَ كُفْرٍ وَنِفَاقٍ".

فأقول: فماذا يفعل الناس إذاً بعد الإمام الحسن العسكري عندما غابَ إمامهم ولم يعد ظاهراً؟!

لكننا نقول: إن الإمام الذي جعله الله حُجَّةً علينا، وهو ظاهر على الدوام ولا يغيب أبداً، والذي أيَّدَ أئمة أهل البيت إمامته وصدَّقوه هو القرآن المجيد الكريم - و لِـلَّهِ الحمد -؛ فإن كنتم  تقبلون هذا الإمام الإلـهي فاجعلوه حكماً في عقائدكم وَدَعُوا التعصُّبَ والطائفيَّة والأحاديث غير الموثوقة التي لا يصلح الاعتماد عليها، وأزيلوا هذا الاختلاف.