208. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الِاسْمِ

كما لاحظنا في الحديث الخامس من الباب 133 ذُكِر اسمُ ابن حضرة العسكري (ع) بصورة «م ح م د». وسبب ذلك أحاديثٌ نقلها الكُلَيْنِيّ في هذا الباب تنص على عدم جواز ذكر اسم الإمام الثاني عشر.

اُدُّعِيَ في الباب 65 من الكافي أنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إمامَ زمانه كان دينه وإيمانه ناقصين ولم يعبد الله كما يجب، فإن مات على هذه الحال مات على الكفر ولم ينل من ثواب أعماله شيئاً. ولكن في هذا الباب يسعى الرواة أن لا يُعَرِّفوا الإمامَ للناس، ويقولون لهم لا تتلفظوا باسمه. فكيف سيعرفه الناس إذن ويستفيدوا منه؟!

جاءت في هذا الباب أربعة أحاديث، اعتبر المَجْلِسِيّ الحديث 1 مجهولاً والحديث 3 مُوَثَّقَاً والحديث 4 صحيحاً ولم يُبْدِ رأيه حيال الحديث الثاني. أما الأستاذ البِهْبُودِيّ فاعتبر جميع أحاديث هذا الباب غير صحيحةٍ.

أول أحاديث هذا الباب هو الحديث الثالث عشر في الباب 132 الذي أعاده الكُلَيْنِيّ هنا. حول الحديث الثاني راجعوا الأمور التي ذكرناها في الباب 134. الحديث الثالث في غاية الضعف فعلاوةً على أن في سنده «ابْنَ فَضَّالٍ» الواقفي المُعَادي للإمام الرضا (ع)، فإن في سنده أيضاً: «جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأسدي» الذي كان -كما عرفنا سابقاً([1])- معتقداً بالجبر والتشبيه خلافاً لعقيدة الشيعة، فلا يوثق بروايته. كان هذا الرجل يروي أحاديثه عن ضعفاء من أمثال: محمد بن إسماعيل البرمكي وسهل بن زياد وقاسم ابن الربيع وموسى بن عمران النخعي..... وهذا بحد ذاته سبب للطعن بالراوي. فإن قيل إن المراد من الراوي الثالث هو «جعفر بن محمد مالك» قلنا وهذا الراوي أيضاً من الضعفاء حسب قول النجاشي والغضائري([2]).

في الحديث الرابع قيل: إن الإمام الصادق u قال: "صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ لَا يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ إِلَّا كَافِرٌ!". (وهذا يشبه الأحاديث الأول والخامس والتاسع التي جاءت في فصل «نظرة على أحاديث النص وتقييم درجتها من الصحة» في كتاب «شاهراه اتِّحاد» [طريق الاتِّحاد]).

إضافةً إلى ذلك، نقول لقد ذكر الله تعالى في كتابه مناط الكفر والإيمان وقال: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء/136].

فهل الإمام أو ذكر اسمه أصل من أصول الدين حتى يكون ذكر أو عدم ذكر اسمه سبباً لكفر الإنسان؟! أليس من الواجب أن يبيِّن اللهُ تعالى الكفر والإيمان وأن لا يُتْرَك بيان ذلك إلى رواة الكُلَيْنِيّ؟



([1])   راجعوا الصفحة 114 و ص 459 من الكتاب الحالي.

هذا ما قاله المؤلف وأقول: الواقع إن المؤلف هنا خلط بين «مُحَمَّدُ بْنُ جعفرٍ بن محمد بن عون الأسدي أبو الحسين الكوفي» الذي وصفه النجاشي بأنه كان يقول بالجبر والتشبيه وأنه يروي عن الضعفاء، وبين أبيه جعفرٍ بن محمد بن عون الأسدي الذي وصفه النجاشي وغيره بأنه كان وَجْهاً، ولم يجرحوه. (المُتَرْجِمُ)

([2])   قال النجاشي في رجاله (ص225): "جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى.. كوفي.. كان ضعيفاً في الحديث. (قال) أحمد بن الحسين: كان يضع الحديث وضعاً ويروي عن المجاهيل وسمعت من قال: كان أيضاً فاسد المذهب والرواية". وقال ابن الغضائري عنه كما جاء في «مجمع الرجال» للقهپائي (ج2، ص42): (غض): جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن شابور، كذاب، متروك الحديث جملة، وكان في مذهبه ارتفاع ويروي عن الضعفاء والمجاهيل وكل عيوب الضعفاء مجتمعةٌ فيه!.".  وأورده ابن داود في رجاله (ص 434) في عداد المجهولين والمجروحين وكرَّر عبارة ابن الغضائري والنجاشي بحقه.  (المُتَرْجِمُ)