94. عودٌ إلى نقد أحاديث باب البداء من كتاب التوحيد من الجزء الأول من أصول الكافي

لنرجِع الآن إلى دراسة ونقد الحديث التاسع في الباب 47 (أي باب البداء)، فلقد روى هذا الحديث: الَحَسَنُ بنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ قال إن الإمام الصادق u قَالَ: "مَا بَدَا لِـلَّهِ فِي شيءٍ إِلَّا كَانَ فِي عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ!".

هذا الحديث لا يتعارض أبداً مع تعاليم الإسلام، ولكنه في نظرنا لا يؤيد مسألة «البداء»، لأن ما كان معلوماً ومكشوفاً لِـلَّهِ من قَبْل لا معنى بعد ذلك للبداء والتغيير فيه، بل بُدُوُّ أمر جديد والشعور بالتغير بالنسبة إلى حدوث موضوع ما إنما يصدق في حق غير الله، أي في حق من يفتقد العلم المطلق وغير المتناهي، ولا يصدق في حق الله علام الغيوب. إن الأمثلة الذي يذكرونها لمسألة «البداء» لا علاقة لها بالله، ومن الواضح أنهم هم أنفسهم حيارى في هذا الوادي. ومن ذلك أنه جاء في الحديث العاشر من الباب 132 من الكافي: "بَدَا لِـلَّهِ فِي أَبِي مُحَمَّدٍ [الحسن العسكري] بَعْدَ [وفاة] أَبِي جَعْفَرٍ (ع) مَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ لَهُ كَمَا بَدَا لَهُ فِي مُوسَى [بن جعفر] بَعْدَ مُضِيِّ إِسْمَاعِيلَ مَا كَشَفَ بِهِ عَنْ حَالِهِ".

وهنا نسأل الكُلَيْنِيّ ما علاقة انكشاف إمامة حضرة الكاظم والإمام الحسن العسكري للناس، بالله تعالى؟ وما علاقة ذلك بمسألة البداء؟ طبقاً لادعائكم ولروايات عديدة كالتي أوردها الكُلَيْنِيّ في الباب 183 من الكافي، فإن الإثني عشر إماماً، بما في ذلك الإمامين الكاظم والعسكري، كانوا قد حُدِّدوا من قبل ونُصَّ عليهم، أما أن الناس ظنوا إمامة شخصين آخرين بدلاً منهما، ثم اكتشفوا خطأهم، فإن هذا ليس له أي علاقة بالله تعالى أبداً.

نعم، لقد روى «ابن محبوب» الحديث التاسع من الباب 47 عن «عبد الله بن سنان». ونماذج أحاديث «الحسن بن محبوب» رقم 9 و 10 التي ذكرناها في فصل التعريف بابن محبوب، رُوِيت عن «عبد الله بن سنان» أيضاً، لذلك نرى من المناسب هنا أن نعرف هنا بهذا الراوي، قبل أن ننتقل إلى دراسة ونقد الأحاديث التالية من الباب 47.