85. بَابُ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ

يشتمل هذا الباب حسب الظاهر على عشرة أحاديث، إلا أن المَجْلِسِيّ في كتابه «مرآة العقول» اعتبر الحديث السابع جزءاً من الحديث السادس، وعلى هذا فأحاديث الباب عنده تسعة فقط. ولم يصحِّح الأستاذ البهبودي أيَّاً من أحاديث الباب العشرة هذه.

ß الحديث 1 - أحد رواته «عَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ الْخَرَاذِينِيُّ([1]) الرَّازِيُّ» الذي قال عنه الغضائري: "علي بن العباس الجراذيني أبو الحسن الرازي مشهور، له تصنيف في الممدوحين والمذمومين يدلُّ على خبثه وتهالك مذهبه، لا يُلْتَفَتُ إليه ولا يُعْبَأُ بما رواه"([2]).  وقال عنه النجاشي في رجاله: "رُمِيَ بالغلوِّ وَغُمِزَ عليه، ضعيفٌ جداً"([3]). وعدَّه العلامة الحلي وابن داود في عداد الضعفاء.  أما متن الحديث  فلا إشكال فيه.

ß الحديث 2 - مرفوع باعتراف الكُلَيْنِيّ وضعيفٌ حسب قول المَجْلِسِيّ. أحد رواته «الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ» راوٍ للخرافات، وقد اطلعتم على نماذج لأباطيله في الحديثين 1 و 3 من الباب 39 الذي مضى. أما متن الحديث فلا يبدو فيه أي إشكال يُعتَرضُ عليه.

ß الحديث 3 - مجهولٌ حسب قول المَجْلِسِيّ. أما متنه فحسنٌ.

ß الحديث 4 - اعتبر المَجْلِسِيّ سنده الأول ضعيفاً وسنده الثاني صحيحاً. في حين أن كلا السندين ساقط من الاعتبار لوجود «محمد بن عيسى» فيهما([4]).

ß الحديث 5 - اعتبره المَجْلِسِيّ صحيحاً، ولكننا نرى أن سنده ساقط من الاعتبار لوجود « أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ البرقيِّ» فيه. وراويه الآخر «يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ» حاله ليس جيداً أيضاً وفيما يلي نعرف بحاله:

107«يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ الكاتب» أحد العاملين في بلاط بني العباس يُعرف باسم «أبو دلف». أحاديثه خرافية. من جملة ذلك الحديث 5 من الباب 172 من كتاب الكافي الذي روى فيه أن الإمام الصادق u قَالَ: "إِنَّ الْحَسَنَ u قَالَ إِنَّ لِـلَّهِ مَدِينَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ عَلَيْهِمَا سُورٌ مِنْ حَدِيدٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ أَلْفِ مِصْرَاعٍ وَفِيهَا سَبْعُونَ أَلْفَ أَلْفِ لُغَةٍ يَتَكَلَّمُ كُلُّ لُغَةٍ بِخِلَافِ لُغَةِ صَاحِبِهَا وَأَنَا أَعْرِفُ جَمِيعَ اللُّغَاتِ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا عَلَيْهِمَا حُجَّةٌ غَيْرِي وَغَيْرُ الْحُسَيْنِ أَخِي!!"([5]).

لا يخفى أن المَجْلِسِيّ بعد أن ذكر توجيهات مُتَكَلَّفَة لهذه الرواية واضحة البطلان اضطرَّ في النهاية إلى الاعتراف قائلاً: "وهذه الكلمات شبيهة بالخرافات، وتصحيح النصوص والآيات لا يحتاج إلى ارتكاب هذه التكلُّفات، والله يعلم حقائق العوالم و الموجودات"([6]).

ومن النماذج الأخرى لخرافاته الحديثين التاليين:

عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ: مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ (ع) فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ- غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ!"([7]).

عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ: "مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللهِ تَعَالَى فِي عَرْشِه!!"([8]).

ß الحديثان 6 و 7 - اعتبر المَجْلِسِيّ في «مرآة العقول» الحديث السادس ضعيفاً. أما الحديث السابع الذي هو من مرويات «سهل بن زياد» الكذَّاب فهو عند المجلسي جزءٌ من الحديث السابق.  و متن الحديثين فلا إشكال فيه.

ß الحديث 8 - صحَّحه المَجْلِسِيّ.

ß الحديث 9 - صحَّحه المَجْلِسِيّ واعتبر ذيله مرسلاً. ولكن أحد رواته «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ» من الغلاة، رغم أن الممقاني وبعض علماء الرجال الآخرين اعتبروه ثقةً؛ إلا أنَّه يروي عن الضعفاء والغلاة ولا يمكن الاعتماد على روايات هكذا شخص. مثلاً نراه يروي الحديث الأول من الباب 87 عن كذَّاب واقفي يُدعى «علي بن أبي حمزة البطائني»([9]). كما نجد له حديثين من أحاديث الباب 165 الفاضح في الكافي.

ß الحديث 10 - سنده - حسب قول المَجْلِسِيّ - حسنٌ. ولكن لما كان فيه «علي بن إبراهيم القمي» القائل بتحريف القرآن، وأبوه مجهول الحال، لا يمكننا أن نعتمد على سنده. أما متن الحديث فيقول أن الديصاني سأل «هشام بن الحكم» مسألةً سهلةً، فعجز عن الإجابة عنها.  وقد سبق أن تكلمنا عن هذا الأمر في الحديثين 1 و 2 من الباب 24، وقلنا إن هذا يُبَيِّن أنَّ المديح والثناء الذي قيل بشأن «هِشَامَ بنِ الحَكَمِ» وعلمه الوافر، لم يكن في محلِّه.



([1])   هكذا جاء في نسخة الكافي، لكنه ذُكِرَ في كتب الرجال باسم: "الْجَرَاذِينِيُّ" بالجيم بدلاً من الخاء. (المُتَرْجِمُ)

([2])   رجال ابن الغضائري، ج 4، ص 202. (المُتَرْجِمُ)

([3])   رجال النجاشي، ص 255. (المُتَرْجِمُ)

([4]) تُراجع الصفحة 207من الكتاب  الحالي للاطلاع على حاله.

([5])   أصول الكافي، ج 1، ص 462.  (المُتَرْجِمُ)

([6])   المجلسي، مرآة العقول، دار الكتب الإسلامية، ج 5، ص 359.

([7]) وسائل الشيعة، طهران، المكتبة الإسلامية،  كتاب الحج (باب المزار و ما يناسبه)، ج 10، ص 366، حديث 6.

([8])   وسائل الشيعة، ج 10، ص 371 - 372.

([9]) عرفنا بحاله في الصفحة 190فما بعد من هذا الكتاب.