248. بَابُ مَوْلِدِ الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةَ (ع)
جاءت في هذا الباب عشرة أحاديث، اعتبر المَجْلِسِيّ الحديثين 1 و2 صحيحين والحديثين 3 و6 مجهولين وبقية الأحاديث ضعيفةً. أما الأستاذ البِهْبُودِيّ فلم يُصَحِّح أيَّاً من أحاديث هذا الباب ولم يقبل أيَّاً منها. وكما قلنا سابقاً فإن الحديث العاشر في الباب السابق يتعلق في الواقع في الباب الحالي.
ß الحديث 10 من الباب 170 - يتعلق بولادة حضرة الزهراء - عليها السلام - ووفاتها، وينقل في ذلك أقوالاً مختلفةً، منها هذا الحديث.
ß الحديث 1- هو جزء من الحديث 5 من الباب 98 الذي كرَّره الكُلَيْنِيّ هنا، فيُمكن مراجعة التعليق عليه في الباب المذكور.
ß الحديثان 2 و6 - الحديث 2 درسناه سابقاً في (الصفحة 427)، ونضيف هنا أيضاً: إن عدم الحيض دلالة على مرضٍ جسميٍّ وعدم سلامة الأعضاء، ولا يمكن اعتباره فضيلةً لصاحبه. يُضاف إلى ذلك أننا نسأل: من أين عرفتم أن سائر بنات النبيّ لم يكنَّ يحضن؟ ثم إن هذا الحديث يتعارض مع الحديث الثاني من الباب 173 الذي يقول: إن حمل حضرة الزهراء للإمام الحسين تمَّ بعد طهر واحد من وضعها للإمام الحسن، فمن هذا يتبيَّن أن حضرة الزهراء كانت تمرُّ بحالة طهر وغير طهر.
أما بالنسبة إلى شهادة الزهراء التي تستند إلى أحاديث موضوعة فنذكر بأن عَلِيَّاً (ع) قَبِلَ بتزويج ابنته من عُمَر ولا يُمكن لحيدرة الكرَّار (ع) قطعاً أن يقبل بأن يُصاهره قاتل أمّ أولاده.
ß الحديث 3- يُشير إلى موضوع فدك. وقد تحدثنا في هذا الكتاب بشكل مختصر عن مسألة فدك وذكرنا بعض التوضيحات بشأنها (راجعوا ص 175- 180). وكما ذكر المَجْلِسِيّ: يقول السيد مرتضى علم الهدى في كتابه «الشافي في الإمامة»: "دُفِنَتْ [فاطمة] لَيْلاً وَلَمْ يَحْضَرْهَا إلا العَبَّاسُ وَعَلِيٌّ عليه السلام وَالِمقْدَادُ وَالزُّبَيْرُ"([1]). ويدل حضور العباس والزبير في مراسم دفنها أن القصد من دفنها ليلاً لم يكن ما يقوله الشيعة لأن العباس والزبير ما كانا يعتقدان أن عليَّاً وفاطمة معصومان، وبالطبع فإن حضورهما سيمنع من أن يتحقق الأمر الذي يُعجب الشيعة لأنهما كانا يستطيعان أن يُـخْبِرَا أبا بكر وعمر بمكان دفنها.
ß الحديث 4- ضعيف ولا يتضمن أي أمر ذي بال.
ß الحديث 5- يدَّعي أن حضرة الزهراء - عليها السلام - "... أَخَذَتْ بِتَلَابِيبِ عُمَرَ فَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاللهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُصِيبَ الْبَلَاءُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ لَعَلِمْتَ أَنِّي سَأُقْسِمُ عَلَى اللهِ ثُمَّ أَجِدُهُ سَرِيعَ الْإِجَابَة ".
ونسأل: هل يُمكن لحضرة الزهراء التي كانت تقول: من الأفضل للمرأة أن لا ترى أي رجل (غير محرم) وأن لا يراها أي رجل، أن تقوم بمثل هذا العمل؟! ثم إنه رغم أن حضرة فاطمة (ع) كانت تعلم، ولكن واضع الحديث لم يكن يعلم قطعاً،بما قاله القرآن مراراً بأنه إذا حلَّ البلاء والعذاب بقومٍ فإن الله يُنقذ الذين لا ذنب لهم ويُنجِّيهم (هود/58، 66، 94، وفُصِّلت/18، والأنبياء/76، والشعراء/17، والصافَّات/76 و134 وآيات عديدة أخرى). فوجود أفراد لا ذنب لهم لا يمنع من نزول العذاب على قوم. وإني لأتساءل: هل كان واضع هذا الحديث محبَّاً فعلاً لحضرة الزهراء (ع)؟! بالطبع إن «عبد الله بن محمد الجُعفي» ضعيف حسب قول النجاشي. كما أن «صالح بن عُقْبَة»([2]) له يد طولى في إشعال نار الفرقة المذهبية بين المسلمين. وكان أحد أعماله نشر وترويج أكاذيب «عَمْرو بن شِمْر»([3]). كما سنلاحظ ذلك في الحديث السابع من هذا الباب.
ß الحديث 7- نسأل: ألم تكن فاطمة - التي تقولون إن المَلَك كان ينزل عليها وأنها كانت معصومة - تعلم أنه لا يجوز أن تُعطي من طعام تلك الصحفة لشخص غير معصوم؟!
ß الحديث 8- نسأل واضع هذا الحديث: لأجل من كُتبت تلك الجملتان على جناح الملائكة قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ آدَمَ بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفَ عَامٍ، ومن الذي سيقرؤهما في ذلك الوقت؟!
ß الحديث 9- راويه «البزنطي» من الضعفاء. وراويه الثاني الكذاب المشهور «سهل بن زياد».
إن معظم روايات هذا الباب -كما لاحظتم- أكاذيب وأخبار حمقاء خارجة عن المنطق. ولذلك قال الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» بعد ذكره نماذج من الروايات المتعلّقة بحضرة فاطمة (ع):
"إن من الجائز الغريب أن تكون هذه الرواية من صنع الغلاة وقد نسبت إلى سدير الصيرفي زوراً وبهتاناً، لأن النبيَّ والأئمَّة الهداة ما كانوا في يوم من الأيام ليحدِّثوا الناس بما لا تدركه عقولهم ولا تحيط به حتى أوهامهم، وبعد أن أحسُّوا بذلك السيل الجارف من المروِيَّات المكذوبة عليهم أمروا شيعتهم وأتباعهم بأن لا يأخذوا بالرواية إلا بعد عرضها على كتاب الله وعدم مخالفتها لنصوصه وظواهره، ومن غير الجائز عليهم أن يُحدِّثوا بمثل هذه الغيبيَّات حتى ولو كانت صحيحةً في الواقع، ثم يعلنوا على الملأ أنَّ كلَّ روايةٍ تخالف كتابَ اللهِ فهي مكذوبةٌ علينا"([4]).