243. بَابٌ فِيهِ نُتَفٌ وَجَوَامِعُ مِنَ الرِّوَايَةِ فِي الْوَلَايَةِ
يشتمل هذا الباب على تسعة أحاديث لم يُصحِّح المَجْلِسِيّ ولا الأستاذ البِهْبُودِيّ أياً منها. اعتبر المَجْلِسِيّ الأحاديث 1 و 2 و 3 و 7 و 8 ضعيفةً والأحاديث 4 و 5 و 6 مجهولةً والحديث 9 حسناً. متون أحاديث هذا الباب -كالباب الذي قبله - عبارة عن أمور خرافية:
ß الحديثان 1 و9 - ينسب إلى الإمام قوله: "إِنَّ اللهَ أَخَذَ مِيثَاقَ شِيعَتِنَا بِالْوَلَايَةِ وَهُمْ ذَرٌّ يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى الذَّرِّ وَالْإِقْرَارَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ J بِالنُّبُوَّةِ!".
ونقول: إن عالم الذَّرِّ الذي يتحدّث عن ذرّات لا شعور لها هي النطف التي كانت في ظهر آدم فكرةٌ وهمية وخرافة لا دليل عليها. ولو أراد الله أن يأخذ الميثاق لأخذه من كائنات ذات شعور وإحساس، لا من ذرَّاتٍ لا إدراك لها. وقد اعتبر علماء الإسلام أيضاً أن الآية 172 من سورة الأعراف تشير إلى ميثاق الفطرة الذي يتعلّق بكيفية خَلْق الإنسان ولا حاجة فيه إلى الذرة وغير الذرة. ثم الادّعاء بأن أرواح الشيعة خُلِقَت قبل ألفي عام من خلق أبدانهم ادّعاء لا يتّفق مع القرآن الكريم الذي قال وهو يتحدث عن جميع الخلق: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون/14].
إذاً، يَتَبَـيَّنُ أن إنشاء الروح - التي نسبها الله إلى نفسه لكونه هو الذي خلقها - إنما يتمّ بعد اكتمال خلق الجسم لا قبله!
ثم إن الله تعالى قال لنبيّه: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ [آل عمران/44].
فالنبيُّ الذي لم يكن زمن أمِّ حضرة عيسى (ع) كيف يمكنه أن يُخلَق قبل خلق أبدان أمّته بألفي عام؟! والحديث الأول من الباب 167 يُكرِّر الكِذْبَةَ ذاتها بحق حضرة عليٍّ (ع)!
ß الحديث 2 - درسناه سابقاً (ص 307- 308)، فلا نكرر الكلام بشأنه.
ß الأحاديث 3 و4 و6 - ينسب عددٌ من الكذَّابين و المنحرفين إلى الإمام قوله أنه لَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا بِوَلَايَتِنَا وَتَفْضِيلِنَا عَلَى مَنْ سِوَانَا!!
فنسأل: ألم يقرأ هؤلاء القرآن الذي قال: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد/25]، أو قال: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [الأنعام/48]، أي لم يبعث الله الأنبياء إلا ليبشِّروا الموحِّدين الصالحين برحمة الله وجنّاته، وينذروا المسيئين ويخوِّفوهم من عذاب الله؟
فلماذا لم يقل الله إننا أرسلنا الأنبياء للتعريف بولاية ابن عم آخرهم وبأولاده؟ ولماذا لم يطّلع أحدٌ على هذا الأمر المهمّ سوى عدة أفراد كذابين وضعفاء؟ ثم ما الفائدة في أن يعلم أتباع الأديان السابقة كأتباع نوح وإبراهيم وموسى أن علياً ولي الله؟!
إن كان الكُلَيْنِيّ يريد بهذه الأكذايب أن يثبت محبة الأئِمَّة وتوليهم، فعليه أن يعلم أن لا منكر لهذا الأمر بين المسلمين ولا حاجة إلى كل هذه الأحاديث الموضوعة لإثبات ذلك.
ß الحديث 5 - يقول إن دين الملائكة هو ولايتنا! فنقزل: إذا كان الأمر كذلك فيا تُرى لماذا لم يبيّن الله تعالى هذه الولاية التي هي دين الأنبياء والملائكة أجمعين في القرآن الكريم بصورة واضحة؟ وقد تكلّمنا عن هذا الحديث سابقاً (ص 296).
ß الحديثان 7 و 8 - تحدّثنا فيما سبق عن الحديث 7 (ص 160) فلا نكرر الكلام هنا. ونذكّر فقط بأنه لو كانت معرفة عليٍّ (ع) مناط الكفر والإيمان فلماذا لم يبيّنها الله تعالى في القرآن؟! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟