178. بَابٌ فِي أَنَّ الْأَئِمَّةَ بِمَنْ يُشْبِهُونَ مِمَّنْ مَضَى وَكَرَاهِيَةِ الْقَوْلِ فِيهِمْ بِالنُّبُوَّةِ
يشتمل هذا الباب على سبعة أحاديث. لم يُصحِّح البِهْبُودِيّ منها إلا الحديث الثالث فقط واعتبر جميع الأحاديث الباقية غير صحيحة. أما المَجْلِسِيّ فاعتبر الأحاديث 1 و2 و5 و6 حسنةً والحديث 4 مُوَثَّقَاً والحديث 7 ضعيفاً والحديث 3 صحيحاً.
يعتبر الكُلَيْنِيّ - بشهادة عنوان هذا الباب - أنّ ادّعاء نبوّة الأئِمَّة مكروه، ومنه يَتَبَـيَّنُ أن القول بنبوّة الأئِمَّة ليس حراماً في نظره بل مكروه فقط!!!
هذا في حين أنّه بصرف النظر عن الأحاديث الكثيرة المرويَّة في كتب الحديث حول هذا الموضوع، يقول الإمام الصادق u في الحديث الثالث من هذا الباب ذاته - وهو الحديث الذي صحَّحه كل من المَجْلِسِيّ والبِهْبُودِيّ - بصراحة قاطعة: "إِنَّ اللهَ عَزَّ ذِكْرُهُ خَتَمَ بِنَبِيِّكُمُ النَّبِيِّينَ فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ أَبَداً". وقال في الحديث السادس أيضاً رداً على من قال له: "عِنْدَنَا قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ رُسُلٌ؟" فأجاب الإمام غاضباً: "يَا سَدِيرُ! سَمْعِي وَبَصَرِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي مِنْ هَؤُلَاءِ بَرَاءٌ، وَبَرِئَ اللهُ مِنْهُمْ وَرَسُولُهُ. مَا هَؤُلَاءِ عَلَى دِينِي وَلَا عَلَى دِينِ آبَائِي" (أي هم خارجون عن الإسلام).
ولا نقول لماذا لم يهتمّ الكُلَيْنِيّ بالقرآن وبقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب/40]، لأننا نعلم أنه لم يكن له علم بالقرآن، ولكنّه يبدو أنّه لم يكن يدرك حتى دلالات الأحاديث التي يرويها بنفسه، فرغم هذين الحديثَين اللذَين رواهما هو نفسه نجده يقول إن القول بنبُوَّة الأئِمَّة مكروه!!
في نهاية الحديث السادس ذُكِرَت ادّعاءات يُحْتَمَل احتمالاً قوياً أن يكون وضّاعو الحديث قد أضافوها إلى أصل الحديث، حيث نُسِب إلى الأمام قوله: "نَحْنُ خُزَّانُ عِلْمِ اللهِ، نَحْنُ تَرَاجِمَةُ أَمْرِ اللهِ، نَحْنُ قَوْمٌ مَعْصُومُونَ أَمَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِطَاعَتِنَا وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِنَا، نَحْنُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى مَنْ دُونَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ الْأَرْضِ!" وقد تكلّمنا على هذه الأمور وفنّدناها في الصفحات السابقة. (من جملة ذلك الصفحات 81و 339-340 و363-364). كما ادّعى الحديث العصمة للأئمَّة فنسب إلى الإمام قوله: "نَحْنُ قَوْمٌ مَعْصُومُونَ أَمَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِطَاعَتِنَا وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِنَا". هذا مع أنّ عصمة غير الأنبياء لا أساس قرآني لها ودعوى بلا دليل وحتى عصمة الأنبياء ليست مطلقة بل كما بيّنها القرآن.
وافترى الرواة في الحديث السابع على الإمام الصادق u أنه قال: "الْأَئِمَّةُ بِمَنْزِلَةِ رَسُولِ اللهِ J إِلَّا أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَا يَحِلُّ لِلنَّبِيِّ J فَأَمَّا مَا خَلَا ذَلِكَ فَهُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ رَسُولِ اللهِ J".
هذا مع أنّ الإمام الصادق u يعلم أفضل من الآخرين أنّ الفرق والاختلاف بين النبي والأئمَّة أكثر من هذه الأمور بكثير. من جملة ذلك: المعراج، وجوب قيام الليل على النبي وعدم وجوبه على الآخرين، حرمة الزواج من نسائه بعد وفاته، حرمة رفع الصوت في حضوره، أنه يجوز للنبي أن يتزوج بلفظ الهبة ولا يجوز لغيره..... الخ.
والحديثان الأول والرابع في هذا الباب يشابهان الحديث الخامس في الباب 112 الذي نقدناه سابقاً في معرض نقدنا لأحاديث الباب 61 (راجعوا الصفحة 387فما بعد). والحديث الثالث في هذا الباب - كما قلنا - يكذِّب الحديث الثاني في الباب 98 .