161. بَابُ مَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ (ع)
جاءت في هذا الباب خمسة أحاديث لم يُصحِّح المَجْلِسِيّ ولا البِهْبُودِيّ أيّاً منها، وصرَّح المَجْلِسِيّ بضعف الأحاديث 1 و3 و4 و5، واعتبر الحديث الثاني مجهولاً. رُواةُ هذه الأحاديث بين مُهْمَلٍ أو ضعيف مثل: «سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ» وَ«مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ» وَ«عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ» وَ«مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ» الذين تمَّ التعريف بهم في الصفحات الماضية.
وَالرواي «مُوسَى بْنُ سَعْدَانَ» أيضاً قال عنه النجاشي والعلامة الحلي إنه «ضعيف». كما أن «مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الصائغ» مُتَّهمٌ وضعيفٌ. كما اعتبر الأستاذ الشيخ «هاشم معروف الحسني» أمثال أحاديث هذا الباب بما في ذلك الحديثان 1 و3 مرفوضةً ومردودةً([1]).
لقد افترى الرواة في هذا الباب على الأئِمَّة بأنهم قالوا: إن عَصَا مُوسَى u لَعِنْدَنَا وَإِنَّهَا لَتَنْطِقُ (!!). وأنهم قالوا: إن القميص الذي صار فيما بعد إلى يوسف (ع) هو الذي كان قد لبسه إبراهيم (ع) فحفظه من الاحتراق في النار، وهذا القميص قد صار إلينا(!!).
لقد ظنَّ رُواةُ الكُلَيْنِيِّ العوامُّ الجهلةُ والخُرافِيُّون والكذَّابون أن لِعَصَا موسى وقميصِ يوسف تأثير! ولم يدروا أنه: أولاً: لم يُذكَر في القرآن أن عصا موسى تنطق! ثانياً: لم يقل الله تعالى في سورة الأنبياء إننا منعنا النار من أن تحرق إبراهيم، بل قال: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء/69]، أي كما يقول الشيخ الطَّبْرَسِيّ في تفسيره «مجمع البيان»: "جعلنا النار برداً وسلامة عليه كي لا يصيبه من أذاها شيء". ولا علاقة لهذا الموضوع بقميص إبراهيم. ورُواة الكُلَيْنِيّ الكذّابون جاهلون بالقرآن ولم يعلموا أن القرآن يقرِّر أن فاعل المعجزات هو الله تعالى وأن تحوّل العصا إلى ثعبان وبرود النار معلول لإرادة الله تعالى، وقد بيّن الله مراراً في عدد من آيات القرآن أنّه هو الذي فعل المعجزات وأوجدها، كما قال عن حضرة داود u: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء/79]، وقد شرح الشيخ الطَّبْرَسِيّ في تفسيره «مجمع البيان» الجملة الأخيرة في الآية فقال: "أي قادرين على فعل هذه الأشياء ففعلناها دلالة على نبوّته".
إن الله تعالى هو الذي يخلق المعجزة بإرادته تأييداً وتصديقاً لنبوّة الأنبياء الذين كان لهم منصب الرسالة الإلهية، وهذا لا يُثبت إمكانية وقوع مثل هذه المعجزات لمن كان لديه منصب الإمامة المنصوص عليها من جانب الحق. فإذا ادّعى شخصٌ أنّ الحَجَر الذي انفلقت منه اثنتا عشْرة عيناً في زمن موسى أو العصا التي كان يتوكأ عليها موسى، لدينا، فليس في هذا أي امتياز. إن حَجَر موسى كان في الصحراء آلاف السنين ولم يحدث منه أي أثر. لأن فاعل المعجزة - كما قلنا - هو الله تعالى وبالنسبة إلى ذات الله القدّوس لا فرق بين حَجَر وَحَجَر وَلَا بَيْنَ العصا التي كانت بيد موسى وأي عصا أخرى، وكلها خاضعة لإرادته. فلو كانت عصا موسى بيد شخص آخر لم تكن سوى عصا كسائر العصي. وللاطلاع أكثر على هذا الموضوع راجعوا ما كتبناه في هذا الكتاب (الصفحات 159 فما بعد).
والنقطة الأخرى أنه لا أساس في القرآن لإثبات المعجزة للإمام ولا يمكن إثبات هذه المعجزات باعتماد القياس.