132. بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ (ع) وُلَاةُ الْأَمْرِ وَهُمُ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ

أورد الكُلَيْنِيّ في هذا الباب خمسة أحاديث اعتبر الأستاذ البِهْبُودِيّ الحديثين  3 و4 منها صحيحين، واعتبر المَجْلِسِيّ الحديثين 1 و4 ضعيفين و الحديث 2 مجهولاً، و الحديثين 3 و5 حسنةً.

تلاعب رواة الكُلَيْنِيّ في هذا الباب بمعاني آيات سورة النساء (الآية 51 فما بعدها).  وقد روى أحاديث هذا الباب أشخاص من قبيل: «الوشَّاء»  و «معلى بن محمد». والحديث الثاني الذي صحَّحه البِهْبُودِيُّ وقَبِلَهُ، رواه «محمد بن الفُضَيل»([1]). والحديث الثالث رواه «الحسين بن سعيد» الذي كان من الغلاة، عن «الأَحْوَل»، الذي لا يُوثَق بأحاديثه في نظرنا. وراوي الحديث الثاني أيضاً هو «الحسين بن سعيد». وراوي الحديثين الأول والخامس: «بُرَيْدُ بنُ مُعَاويةَ الْعِجْلِيُّ» القائل بتحريف القرآن!! وهو الذي اتَّهم الإمام الصادق u أنه قال:  "أَنْزَلَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ سَبْعَةً بِأَسْمَائِهِمْ؛ فَمَحَتْ قُرَيْشٌ سِتَّةً وَتَرَكُوا أَبَا لَهَبٍ!!!"([2]).

جميع أحاديث هذا الباب لا تتمتع بوضع حسن، فمثلاً في الحديث الأول يسأل الراوي الإمام عن «أولي الأمر» لكن الإمام لا يجيبه إجابةً واضحةً بل يقرأ عليه بضع آيات من سورة  النساء تتحدث عن اليهود، لكي يقول له بعد ذلك: "نَحْنُ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ عَلَى مَا آتَانَا اللهُ مِنَ الْإِمَامَةِ دُونَ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِينَ!!".

وأقول: كثير من الناس محسودون، الخلفاء يحسدهم من لم يتمكّنوا من الوصول إلى سدة الخلافة، والأشراف العلويون - رحمهم الله - كانوا محسودين مِنْ قِبَلِ العباسيين، والعباسيون محسودون مِنْ قِبَلِ الآخرين وهكذا. ولكن هذا الأمر ليس دليلاً بالطبع على أن المحسودين كانوا أئمة منصوبين مِنْ قِبَلِ الله. لكن هدف الرواة أن يقولوا إن المقصود من المحسودين في الآية هم الأئمَّة الاثني عشر فقط لا غير. في نظرنا إن هذا الادعاء هو من تلفيق وافتراء الراوي يقيناً، لأنه عندما نزلت الآية المذكورة لم تكن مسألة الوصية والخلافة مطروحة أصلاً حتى يُحسَد أحد في هذا الشأن!

ولا يخفى أنّ أحاديث هذا الباب مشابهة لبعض أحاديث الباب 66، فمن ذلك أن الحديث الضعيف رقم 4 في هذا الباب يشابه الحديث 6 في الباب 66، وراوي الحديثين «أبو الصباح الكِناني». والحديثان 2 و 3 في هذا الباب مشابهان للحديث المرسل رقم 4 في الباب 66 وراوي الأحاديث الثلاثة «الحسين بن سعيد» الغالي. وقد بيّنا بطلان مثل هذه الأحاديث في شرحنا وتعليقنا على الحديثين 4 و6 في الباب 66 فلتُراجَعْ ثمَّةَ.



([1])   تم التعريف بحال «محمد بن الفضيل» في الصفحات 296- 298، وتم التعريف بحال «معلى بن محمد» في الصفحة 144، وعرفنا بـ«الوشَّاء» (الحسن بن علي الوشاء الكوفي) في الصفحة  145من الكتاب الحالي.

([2]) رجال الكشي، طبع كربلاء، 247 .  وانظر بحار الأنوار، ج 89، ص 54.