97. - بَابُ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ
يشتمل هذا الباب على ستة أحاديث لم يصحِّح الأستاذ البِهْبُودِيّ أياً منها سوى الحديث السادس، أما المَجْلِسِيّ فاعتبر الحديثين 1 و 5 ضعيفين، والحديثين 3 و 4 مجهولين، والحديث 2 مُوَثَّقاً بمنزلة الصحيح، والحديث 6 صحيحاً.
ß الحديث 1 - ضعيفٌ، أحد رواته «مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيُّ» الذي سبق أن بيَّنَّا حاله([1])، وقد كان هو وأبوه من الغلاة الكذَّابين. وننقل لكم هنا إحدى أكاذيبه:
130"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنِ الرِّضَا (ع) أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْخُفَّاشُ امْرَأَةً سَحَرَتْ ضَرَّةً لَهَا فَمَسَخَهَا اللهُ خُفَّاشاً وَإِنَّ الْفَأْرَ كَانَ سِبْطاً مِنَ الْيَهُودِ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ فَمَسَخَهُمْ فَأْراً، وَإِنَّ الْبَعُوضَ كَانَ رَجُلًا يَسْتَهْزِئُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَيَشْتِمُهُمْ وَيَكْلَحُ فِي وُجُوهِهِمْ وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ فَمَسَخَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعُوضاً، وَإِنَّ الْقَمْلَةَ هِيَ مِنَ الْجَسَدِ وَإِنَّ نَبِيّاً كَانَ يُصَلِّي فَجَاءَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَجَعَلَ يَهْزَأُ بِهِ فَمَا بَرِحَ عَنْ مَكَانِهِ حَتَّى مَسَخَهُ اللهُ قَمْلَةً، وَأَمَّا الْوَزَغُ فَكَانَ سِبْطاً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسُبُّونَ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَيُبْغِضُونَهُمْ فَمَسَخَهُمُ اللهُ وَزَغاً، وَأَمَّا الْعَنْقَاءُ فَمِنْ غَضَبِ اللهِ عَلَيْهِ مَسَخَهُ وَجَعَلَهُ مَثُلَةً، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَنَقِمَتِه".
هل يحتمل أحد أن يتكلم الإمام الرضا (ع) بمثل هذا الكلام؟! نعم لقد روى مثل ذلك الراوي هذا الحديث الأول من الباب 49. ومتن الحديث أيضاً معيبٌ لأن السائل سأل الإمام قائلاً: "قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَدَّرَ؟ قَالَ: تَقْدِيرُ الشَّيْءِ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ". مع أنه من الواضح تماماً أن الله يُقَدِّر رزقَ عباده وليس للرزق طول ولا عرض، وقس على هذا.
ß الحديث 2 - اعتبره المَجْلِسِيّ موثَّقَاً.
ß الحديث 3 - تكلمنا عليه قبل ذلك([2]).
ß الحديث 4 - مجهول طبقاً لقول المَجْلِسِيّ، وراويه الأول: «الْفَتْحُ بْنُ يَزِيدَ الْجُرْجَانِيُّ» ليس ثقةً، ويروي عن المجاهيل والضعفاء. ومتن الحديث أيضاً محل تأمل، وقد بينا ذلك إلى حد ما في الصفحات السابقة([3]).
ولكن من الضروري هنا أن نشير - كما قال الشيخ الصدوق و المَجْلِسِيّ والعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي - إلى أن المعروف لدى أكثرية المسلمين أن إسماعيل هو ذبيح الله، وهو القول الغالب بين أكثر الشيعة، لكن في هذا الحديث اُعتُبِر أن إسحاق (ع) هو الذبيح أي طبقاً لعقيدة أهل الكتاب! في حين أن الذي يُستفاد من القرآن الكريم هو أن إسماعيل هو الذبيح.
ß الحديث 5 - ضعيفٌ في قول المَجْلِسِيّ. وراويه «عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ» لم يُوَثَّق، وراويه الآخر «دُرُسْتُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ» - كما ذكرنا سابقاً - واقفي، وهو من الذين رووا رواية إرضاع أبي طالب لمحمد J!([4]).
ß الحديث 6 - رغم أنه مرسل وسنده ناقص، أي أن الرواة بين محمد بن يحيى، وراويه الأول الذي هو «أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ البَزَنْطِيُّ» القائل بأن القرآن حُرِّف([5])، ليسوا مذكورين، رغم ذلك فإن المَجْلِسِيّ و البِهْبُودِيّ صحَّحا الحديث؟! أما متن الحديث فلا إشكال فيه، وهذا الحديث تم تكراره باختلاف يسير جداً في الحديث الثاني عشر من الباب 53 من الكافي وهناك لم يصححه المَجْلِسِيّ ولا البهبودي، وصرح المَجْلِسِيّ بضعفه!