11. [نقد أحاديث أصول الكافي و رُوَاتُهُ] 1- كتاب العقل والجهل
في هذا الباب 36 حديثاً([1])، اعتبر الأستاذ البهبودي ثلاثةً منها فقط صحيحةً (الأول، والعاشر، والسبع والعشرين)، في حين اعتبر المجلسي الأحاديث الثلاثة (الأول، والعاشر، والثامن عشر) منها فقط صحيحةً.
ß الحديث 1 - أحد رواة الخبر المذكور «أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ» مجهول الحال.
ß الحديث 2 - أحد رواة هذا الحديث «عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّد» مجهول ومشتَرَك. وهو روى عَنْ «سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ» الذي سنعرِّف بحاله هنا قبل الانتقال إلى الرواية الثالثة. هذا الرجل المُفْتَضَح روى عَنْ «عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ» الذي هو راو مشرك بين شخص مجهول وشخص غير مجهول، وهو روى بدوره عن شخصٍ ضعيفٍ كذَّابٍ يُدعى «مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ» عَنْ «سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ» الذي اعتبروه قصَّاصاً وشاعراً وضعيفاً، وَناووسيَّ المذهب وَأنه كان سيِّئَ العاقبة.
وأما متن الحديث فيقول: "هَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَى آدَمَ u فَقَالَ: يَا آدَمُ! إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُخَيِّرَكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ فَاخْتَرْهَا وَدَعِ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا جَبْرَئِيلُ! وَمَا الثَّلَاثُ؟ فَقَالَ: الْعَقْلُ وَالْحَيَاءُ وَالدِّينُ. فَقَالَ آدَمُ: إِنِّي قَدِ اخْتَرْتُ الْعَقْلَ. فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: لِلْحَيَاءِ وَالدِّينِ انْصَرِفَا وَدَعَاهُ. فَقَالَا: يَا جَبْرَئِيلُ! إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَيْثُ كَانَ. قَالَ: فَشَأْنَكُمَا. وَعَرَجَ ".
أقول: فمفاد الحديث أن الدين والحياء لم يُطيعا جبريل في ترك آدم، مع أن الله اعتبر جبريل «مُطاعاً». ويبدو أن الراوي يظنّ أن عالم الملكوت مثل عالم المُلْك، ويتصوّر وجود سلسلة من الرتب الإدارية التي لا يعلمها جبريل!! لذلكَ أمرَ جبريلُ الدينَ والحياءَ بأمرٍ غير ما أمرهما اللهُ به! لذلك عدلا عن الانصياع لأمره!!
لِنَقُمْ الآن - كما وعدنا - ببيان حال الراوي الثاني لهذا الحديث قبل أن ننتقل للحديث الذي بعده.